الكتاب، كما نصت آية سورة براءة التى تلوناها من قبل، وذكرنا معنى قوله تعالى: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ.
ونميل إلى المثبت، ولا نميل إلى النافى، نميل إلى رواية أبى الفداء التى ذكرت أنه عقد الجزية على أهل تيماء، وإن كنا نرى أن ما ذكره ابن القيم له وجه.
وفى الحق أن أهل خيبر، لم يعقدوا عقد جزية قط، إلا ما كان فى تيماء. وأنه أوجب الجلاء عليهم، أى أهل خيبر، فلما حاولوا أن يبقوا فى الأرض زارعين غارسين وكان هو ورجاله مسئولين عن زراعة الأرض تركها مزارعة على أن حق الإجلاء ثابت، وهو الأصل، وكذلك فعل فى فدك.
[صحيفة مكذوبة:]
ولكن الباعث عند ابن القيم على نفى عقد الجزية لخيبر وجيه كل الوجاهة، ذلك أنه فى عبر التاريخ الإسلامى من بعد ذلك ادعوا- أى يهود- أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عقد معهم عقد جزية وقدموه وثيقة لهم، وهو مكذوب من كل الوجوه، ويحمل فى نفسه دليل كذبه.
وقد أثبت كذبه ابن تيمية من عشرة وجوه، ذلك أنه فى عصر ابن تيمية فى آخر القرن السابع، وأول القرن الثامن أنه راجت تلك الوثيقة المكذوبة عند من جهل بالسنة والمغازى، حتى أن بعض العلماء أو الأمراء طلب من شيخ الإسلام ابن تيمية أن يقرر ما اشتملت عليه تلك الوثيقة المكذوبة ويطلب العمل على تنفيذها لليهود والعمل بها فيسكن اليهود فى الجزيرة العربية فى مكانهم القديم، ولعلهم يريدون أن يختاروا فى وسط الجزيرة العربية مقاما لهم.
ولذلك تحرك الإمام ابن تيمية لبيان كذبها يكشف ما فيه، لأن ما فيها دليل التكذيب.
ومما بين كذبها أن فيها كما يدعون شهادة جمع من الصحابة ذكر منهم على بن أبى طالب وسعد بن معاذ. وسعد بن معاذ كان قد مات متأثرا بسهم عائر فى الخندق وقريظة، وهما كانتا قبل خيبر بسنتين.
ومنها أنه أسقط عنهم المكس والسخرة، ولم يكن للمكس والسخرة موضوع فى عصر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن الله تعالى قد أعاذ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه من السلف الصالح والرعيل الأول من فرض المكس والسخرة، فإن ذلك من وضع الملوك الظالمين الفاسقين.