للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدم الرسول على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومعه الكتاب والهدايا، فلما قرأ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، امتنع عن أن يعطيه جزآ من الأرض.

وبعد فتح مكة المكرمة، علم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالوحى أن هوذة صاحب هذا الكتاب الطامع قد مات وقد ذم رجال اليمامة، وقال أما إنه سيخرج بها كذاب سينتهى بقتله. قال بعض الصحابة: ومن يقتله؟ قال له النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: أنت وأصحابك.

وإن نبوءة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كانت صادقة، فإن الأعراب كانت فيهم ردة، وكانت اليمامة ذات ضلع فيها، وقام الصديق خليفة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعزمة كانت عز الإسلام وبها صار قارا ثابتا، وقد حفظ الله تعالى بأبى بكر قوة الإسلام، وعزته وقالها قولة حازمة جازمة: «إما سلم مخزية، وإما حرب مجلية» .

٥٨٦- وقد أرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم غب الحديبية إلى أمير الغساسنة بكتاب فيه هذا المعنى. وهو الدعوة إلى الإسلام، ولم يذكر كتاب السيرة أأجاب إلى الهدى أم لم يجب.

ونحن ذكرنا كتابته إلى الملوك، والأمراء والرؤساء وردهم عليه صلى الله تعالى عليه وسلم، ما بين مستجيبين ومترددين مجاملين فى الرد وإن لم يؤمنوا، وجاحدين كافرين معاندين مريدين إنزال الأذى بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم قاصدين الكيد، فرد الله تعالى كيدهم فى نحورهم.

وتركنا مؤقتا الكلام فى المغازى لأسباب ثلاثة:

أولها: أن المقصود من الرسالة المحمدية هو تبليغ الدعوة إلى الإسلام وما كانت الحروب إلا لحماية الدعوة ولمنع الكافرين من أن يفتنوا المؤمنين فى دينهم، كما فعل مشركو مكة المكرمة ونصارى الشام. فما كانت الحرب مشروعة لذاتها، ولكن كانت دفاعا وحماية للدعوة، وهى المقصود أولا وبالذات.

ثانيها: أن هذه المكاتبات والرد عليها تبين مدى انتشار الدعوة، وإيمان الناس واستجابتهم، فقد رأيت بعضهم يستجيب فورا، وبعضهم يستجيب ويسأل عن حكم الشريعة فى أمر من تحت يده من اليهود والمجوس كابن ساوى، ومنهم من كان يتردد فى الاتباع، ثم ينتهى بالإذعان هو وقومه. ورأينا صاحب اليمامة يساوم، وكانت موضع الردة هى وبنو حنيفة، وقد تنبأ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك، فكان منهم رأس الفتنة فى الردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>