للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجاشى فسألته اياه، فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك سرت قريش وكنت أجزأت عنها حتى قتلت رسول محمد.

فدخلت على النجاشى، فسجدت له، كما كنت أصنع، فقال: مرحبا بصديقى أهديت لى من بلادك شيئا!! قلت نعم أيها الملك أهديت لك أدما كثيرة. ثم قدمته فأعجبه، وفرق منه شيئا بين بطارقته، وأمر بسائره فأدخل فى موضع وأمر أن يكتب ويحتفظ به، فلما رأيت طيب نفسه قلت: أيها الملك إنى رأيت رجلا خرج من عندك، وهو رسول عدو لنا قد وترنا، وقتل أشرافنا وخيارنا فأعطنيه فأقتله.

فغضب من ذلك ورفع يده، فضرب بها أنفى ضربة، ظننت أنه كسره، فجعلت أتلقى الدم بثيابى، فأصابنى من الذل ما لو انشقت بى الأرض لدخلت فيها فرقا منه.

ثم قلت: أيها الملك لو ظننت أنك تكره ما قلت ما سألتك، فاستحيا وقال: «يا عمرو تسألنى أن أعطيك رسول من يأتيه الناموس الأكبر الذى كان يأتى موسى، والذى كان يأتى عيسى- لتقتله» .

قال عمرو: فغير الله قلبى عما كنت عليه، وقلت فى نفسى: عرفت هذا الحق العرب والعجم، وتخالف أنت، ثم قلت: أتشهد أيها الملك بذلك؟

قال الملك: نعم أشهد عند الله يا عمرو، فأطعنى واتبعه، فو الله إنه لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه. كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. قلت: أتبايعنى على الإسلام، قال نعم. فبسط يده، فبايعنى على الإسلام، ثم دعا بطست، فغسل عنى الدم، وكسانى ثيابا، وكانت ثيابى قد امتلأت بالدم فألقيتها.

ثم خرجت على أصحابى، فلما رأوا كسوة النجاشى سروا بذلك، وقالوا هل أدركت من صاحبك ما أردت؟ قلت: كرهت أن أكلمه فى أول مرة، وقلت: أعود إليه، فقالوا الرأى ما رأيت ففارقتهم، وكأنى أعمد إلى حاجة، فعمدت إلى موضع السفن، فأجد سفينة قد شحنت وتدفع فركبت معهم، ودفعوها، حتى انتهوا إلى الشعبة.

وخرجت من السفينة، ومعى نفقة، وابتعت بعيرا، وخرجت أريد المدينة المنورة مررت على الظهران ومضيت حتى إذا كنت بالهدة، فإذا رجلان قد سبقانى بغير كثير يريدان منزلا، وأحدهما داخل فى الخيمة، والآخر يمسك الراحلتين، فنظرت فإذا خالد بن الوليد، فقلت أين تريد قال محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم. دخل الناس فى الإسلام، فلم يبق أحد، والله لو أقسمت لأخذ برقابنا كما يؤخذ برقبة الضبع فى مغارتها، قال عمرو وأنا والله أردت محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم أو أردت الإسلام، فخرج عثمان بن أبى طلحة فرحب بى فنزلنا جميعا فى المنزل، ثم اتفقنا حتى أتينا المدينة المنورة فما أنسى

<<  <  ج: ص:  >  >>