ولكن عبد الله بن عباس رضى الله عنه يرى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم نصره الله تعالى فى أحد، فقد أثر عنه أنه قال: ما نصر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في موطن نصره في يوم أحد، فأنكر عليه ذلك، فقال بينى وبينكم كتاب الله تعالى، إن الله سبحانه وتعالى يقول:«ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه» والحس القتل، ولقد كان لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة.
وإذا قتل أصحاب اللواء كان دليلا على عظم كفة المسلمين. فإن الكفة راجحة، وكفتهم غير راجحة، فقد قتل كل حملة لوائهم، حتى رفعته امرأة.
أما المؤمنون، فكان لواؤهم مع مصعب بن عمير، وأخذ يقاتل منافحا عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فقتل، واستطاع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يشق إلى الهضبة ويحمل اللواء على بن أبى طالب، فانحسروا دون لواء المسلمين، ولم ينالوا خيرا. ومع أن المسلمين لم يهزموا، وجيش الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لم يسقط لواؤه، قد تشايع بين اليهود والمنافقين أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هزم وجيشه، وسموا الجراح التى أصابت المسلمين هزيمة وانتهزوها فرصة لإظهار الشماتة والتهكم، حتى قال قائلهم لو كان نبيا ما هزم، وأخذوا يعيرون إخوانهم أو من ليسوا لهم إخوانا، بأنهم لو كانوا معهم ما قتلوا وما أصيبوا.
ولقد بلغ بهم التهكم أن كبير المنافقين عبد الله بن أبى صارح بالتهكم، ووقف كعادته يظهر أنه يؤيد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو في قوله يسخر، كما كان يسخر من قبل.
قال ابن إسحاق في سيرته «كان عبد الله بن أبى له مقام يقومه كل جمعة، لا ينكر له شرف فى نفسه وفي قومه، وكان فيهم شريفا، إذا جلس رسول الله يوم الجمعة وهو يخطب قام فقال: أيها الناس هذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين أظهركم، أكرمكم الله تعالى به، وأعزكم به، فانصروه وعزروه واسمعوا له، وأطيعوا» ثم يجلس.
وما كان ذلك منه إلا نفاقا، إذ كان يستر كفره بهذه الكلمات، ويبث الكفر والنفاق والتردد في نفوس المؤمنين.
وقد رآه المؤمنون يبث روح التردد والهزيمة في جيش الإيمان، ثم ينسحب ليفت في العضد، ويبث روح التردد، حتى همت طائفتان أن تفشلا.