وقال فى خطبته قلت:«اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم» وودع حينئذ الناس.
ويفهم من كلام ابن القيم هذا أن خطبة الوداع ليست التى ألقيت فى عرفات، إنما خطبة الوداع هى هذه لأنها متأخره عن الأولى، والوداع للأخيرة، ولأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ذكر فيها الوداع والذى أراه أن الحجة كانت حجة الوداع، فكل ما فيها من كلام يتضمن معنى الوداع.
وبعد أن نحر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حلق وفعل أصحابه ما فعل، اتجه إلى البيت الحرام، فطاف طواف الإفاضة، وهو طواف الزيارة، وهو الركن من الحج.
وشرب من زمزم، ثم عاد إلى منى، وبعد الزوال رمى الجمار، فابتدأ بالأولى التى تلى مسجد الخيف ثم الوسطى، ثم العقبة.
وتكرر ذلك فى أيام التشريق، الثلاثة التى تلى يوم النحر.
وقد خطب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم خطبة ثانية فى منى، وهى ثالثة الخطب باحتساب خطبة عرفة، ويقول ابن القيم فى هذه الخطبة:
خطب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الناس بمنى خطبتين، خطبة يوم النحر، وقد تقدمت، والخطبة الثانية فى أواسط أيام التشريق قبل ثانى يوم النحر، قال فيها:«وهل تدرون أى شهر هذا، قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا الشهر الحرام، ثم قال إنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد هذا، ألا فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا حتى تلقوا ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم، ألا هل بلغت» .
لقد انتهى حج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهى الحجة الأولى والأخيرة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فلم يحج قبلها فى مكة المكرمة لما كان يحوط الكعبة الشريفة من أوثان، وما كان يفعله أهل الجاهلية من ذلك، ويلاحظ أن حج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان قرانا كما ذكرنا، ولم يلزم الناس، ولم يذكر للناس أنه أفضل من غيره، وإن كان أفضل لأن النبى صلى الله تعالى