أحكام الإسلام كاملة موفورة، فإن الزكاة قد بينت أحكامها في السنة الثانية، وأخذ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ينفذ في المجتمع الأحكام الاجتماعية العادلة التى تحمى المجتمع من آفاته، وأن إعتاق العبيد يكون بمعاونة المكاتبين وهم الذين عقدوا مع مالكيهم عقدا على أن يسددوا لهم قيمتهم المالية في سبيل تحرير رقابهم، فهؤلاء يعانون من الزكاة بما يمكنهم من سداد ما عليهم من المال، وقد قال الله سبحانه وتعالى:
ويكون منه إعتاق من في الرقاب بشرائهم وعتقهم، وقد كان السلف الصالح يفعلون ذلك، يروى أنه في عهد الحاكم العادل عمر بن عبد العزيز كتب إليه والى الصدقات في أفريقية يشكو من أن بيت المال قد اكتظ، ولا يجد فقيرا يعطيه، فأرسل الحاكم العادل أن سدد الدين عن المدينين. فسددها، وأرسل إليه يشكو من اكتظاظ بيت مال الصدقات، فأرسل إليه اشتر عبيدا من عبيد المسلمين وأعتقهم، وبهذا تلاقى الأحرار على نصرة الإسلام، فى عهد سيد الأنام محمد عليه الصلاة والسلام.
والمصرف السادس الغارمون وهم الذين أثقلتهم الديون، وكانوا استدانوا في غير معصية وأنفقوا في غير سرف إذا عجزوا عن سداد الدين، فإن بيت مال الصدقات يسدد الدين عنهم، رفعا لخسيسهم، وكذلك يسدد الدين عمن استدانوا لأمر اجتماعى كالإصلاح بين متخاصمين، أو تحملوا ديات بين المتنازعين في الدماء، فإن بيت المال يعاونهم على سداد ما عليهم من ديون، ولو لم يكونوا عاجزين، لكى يتقدم أهل المروءة لإصلاح ذات البين، ولتخفف عنهم المغارم، فى هذا السبيل.
وإنه يجب المقارنة في هذا بين شريعة الله تعالى التى نزلت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقانون الرومان الذى كان يعاصر نزولها، فإنه بينما كان ذلك القانون يبيح في بعض عصوره أن يسترق الدائن المدين إذا عجز عن السداد، جاءت الشريعة بمعاونة المدين في سداد دينه، وذلك فرق ما بين شريعة الله وشريعة الإنسان.
والمصرف السابع- هو معاونة ابن السبيل، وهو من كان غريبا لا مال في يده، وإن كان له مال فى بلده، فإنه يعان من بيت مال الصدقات، حتى يثوب، ويصح لبيت المال أن يعينه بالمال، دينا عليه، حتى يعود إلى أهله إذا كان ذا مال يستطيع السداد منه من غير إرهاق ولا مشقة، والأصل أن تكون المعونة تمليكا لا أن تكون دينا.
والمصرف الثامن هو الإنفاق في سبيل الله تعالى، وهو الإنفاق في الجهاد، فللجهاد قدر في مال الزكاة يعادل الثمن أو أكثر على حسب حاجة الجند في عتادهم والإنفاق عليهم.