المجاهدين، فلما أحدق المشركون وأحست بأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يتعرض للمشركين، وقد جعلوه هدفا مقصودا. استلت السيف، وأخذت تذود عنه صلى الله تعالى عليه وسلم مع الذائدين، وترمى بالقوس، حتى نزلت بها جراح شديدة وأصاب عاتقها جرح أجوف له غور.
ولقد كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تغسل الدم عن وجه أبيها الكريم، وتداوى جرحه. روى البخارى عن سهل بن سعد أنه قال:«أما والله إنى لا أعرف من كان يغسل جرح النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومن كان يسكب الماء وبما دووى، كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تغسله، وعلى يسكب الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها» .
والظاهر من هذا الخبر أن فاطمة الطاهرة بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد خرجت مع المجاهدين، فداوت جرح أبيها عليه الصلاة والسلام، أو أن يكون الدم استمر يسيل حتى عاد إلى داره، والله تعالى أعلم.
الأمر الثالث: ما فعله المشركون بالقتلى، وخصوصا الجثمان الطاهر، جثمان حمزة رضى الله عنه، وأقرنه بما فعل على رضى الله عنه عند ما صرع مبارزه ابن أبى طلحة، فقد بدت عورته، فرفع على سيفه وأخذته المروءة والرحم، ولكن أنى تكون امرأة أبى سفيان وأبو سفيان، وعلى البطل الذى يقرع الأقوام في وجوههم، ولا يقرعهم مدبرين.
سلط المشركون النساء على القتلى يمثلن بهم بقيادة هند بنت عتبة زوج أبى سفيان، وأم معاوية، وذكر ابن إسحاق أنه وقعت هند بنت عتبة، والنسوة اللائى معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يجدعن الآذان والأنوف، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خلاخل، وقلائد، وقد أعطت قلائدها الحقيقية وخدمها وأقراطها وحشيا الذى اغتال حمزة غدرا وخيانة وجبنا، وبقرت بطن حمزة، وأخذت كبده فلاكتها ولم تسغها، فلفظتها ثم علت على صخرة مشرفة.