٤٢٥- وقبل أن نترك الكلام في الموقعة التى أنهاها المشركون، ولم ينهها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يعترف بانتهائها بإنهائهم، بل سار وراءهم حتى فرواهم فرارا. لابد أن نشير إلى أمور ثلاثة:
أولها: أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد قتل مشركا بيده في هذه الغزوة، ذلك أن أبى ابن خلف قد أراد أن يقتل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وقد اعتزم ذلك الآثم وهو في مكة المكرمة، فلما كان يوم أحد أقبل أبى مقنعا بالحديد، وهو يقول: لا نجوت إن نجا محمد، فاستقبله مصعب بن عمير فقتله ولكن قيل أن مصعب بن عمير، قتل غيره، وكان على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يرده بنفسه، فأخذ الرمح وأبصر عليه الصلاة والسلام ترقوة أبى بن خلف من فرجة بين سابغة الدرع، والبيضة الحديد، فصوب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الترقوة من بين الحديد، فطعنه بالحربة، فوقع إلى الأرض عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، كما يقول الرواة، فأتاه أصحابه، وهو يخور خوار الثور، فقالوا له: ما أجزعك!! إنما هو خدش، فقال: والذى نفسى بيده لو كان الذى بى بأهل ذى المجاز لماتوا أجمعين. فمات إلى النار فسحقا لأصحاب السعير.
ويقول ابن إسحاق في وصف قتل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم له وقد جاء إليه قال: دعوه فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، الحربة من الحارث بن الصمة، فقال بعض القوم، كما ذكر لى، فلما أخذها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انتفض انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ بها عن فرسه مرارا.
وإن هذا يدل على قوة بأس النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وإن كان لا يقتل بيده.
الأمر الثانى: أن النساء كن يخرجن في جيش النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يحملن الماء للمجاهدين ويداوين الجرحى إن أمكن ذلك، وقد يضربن بالسيف، إن كانت ضرورة لذلك، يروى أن أم عمارة نسيبة المازنية قد خرجت مع الجيش تحمل سقاء فيه ماء، لتسقى الجيش. وكانت تشد أزر