عاد المغيرة إليهم، وهو يعلم أنهم جفاة ليعلمهم كيف يحيون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية.
ضرب عليهم رسول الله قبة فى المسجد، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يجيء إليهم فيه وكانوا يطمئنون إلى خالد بن سعيد بن العاص، وكانوا إذا جاءهم الطعام من قبل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لا يطعمون إلا إذا طعم منه خالد.
وبعد ذلك أعلنوا إسلامهم، ولكن فى بقية جاهلية طلبوا من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يبقى اللات ثلاث سنين، فرفض، طلبوا سنتين فأبى، طلبوا سنة فأبى، طلبوا شهرا، فأبى، وكيف يقرهم على الوثنية ساعة من زمان.
سألوه صلى الله تعالى عليه وسلم ألا يكسروا أصنامهم بأيديهم، فأجابهم وأرسل المغيرة بن شعبة، وأبا سفيان بن حرب، أن يهدموها.
طلبوا أن يعفيهم من الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام:«لا خير فى دين لا صلاة فيه» ، وقد كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أقامهم فى خباء فى المسجد ليروا الناس، إذا صلوا، فيستأنسوا بالصلاة وليعلمهم، ولكن جفوة الجاهلية حالت بينهم وبين الأنس بالصلاة.
وكانوا يرون أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إذا خطب لا يذكر نفسه فقالوا كيف يأمرنا أن نشهد أنه رسول الله وهو لا يشهد به فى خطبته، فبلغ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ما قالوا، قال، فإنى أول من شهد أنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان فيهم عثمان بن أبى العاص وكان أصغرهم فكانوا يخلفونه على رحالهم، فكان القوم كلما عادوا إلى رحالهم بالهاجرة ليقيلوا، ذهب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسأله عن الدين، واستقرأه القرآن الكريم، وكان يختلف إليه مرارا، حتى فقه فى الدين، وعلم، وكان إذا وجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نائما عمد إلى أبى بكر، وكان يكتم ذلك عن أصحابه، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأحبه.
مكث الوفد يختلف إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يدعوهم إلى الإسلام، فأسلموا.
قال كنانة بن عبد ياليل الذى كان على رأس الوفد، كما نوهنا: هل أنت مقاضينا حتى نرجع إلى قومنا، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن أنتم أقررتم بالإسلام أقاضيكم، وإلا فلا قضية بينى وبينكم.