للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثالث: الذى ذكرته السورة الكريمة وأكدته، أمر المترددين والضعفاء فى إيمانهم لا فى أبدانهم فإن أولئك يجب أن يخلو الجيش منهم، لأنهم يكونون العش الذى يفرخ فيه المنافقون، ويبثون فيهم روح الفزع والخوف، والفرار يوم الزحف.

وإن أمر هؤلاء مرجأ، عساهم أن يتوبوا، ولكنهم لا يكونون فى جيش قوى يخط خطوط النصر.

وأخيرا إن سورة براءة درس حكيم للأمة المجاهدة وقد جعل سبحانه وتعالى من غزوة تبوك التى لم يحدث فيها قتال، بل رجع المسلمون منها ولم يلقوا كيدا، وقد جعلها تعالى درسا فى ذلك فكان التكوين انتقاء للأقوياء، ومن تسلل فيه من الضعفاء وأهل النفاق كشف أمرهم.

وفى سورة براءة بيان حال الذين وصل إليهم الإسلام، فاعتنقوه بحكم اتباع القوى، لا بحكم الاقتناع كأولئك الأعراب الذين كانوا يتغلغلون فى البلاد العربية، فدخلوا فى الإسلام، ولما يدخل الإيمان قلوبهم، وبينت السورة الكريمة أن مظاهر الخضوع الكامل الزكاة، فإن دفعها من يدفعها مغرما، سواء أكان الدفع طوعا أم كرها، فهو ليس من أهل الإيمان، وإن قدم الطاعة، وإن دفعها قربات إلى الله تعالى فإنه يكون مؤمنا مخلصا لله تعالى وللجماعة الإنسانية.

هذه كلمات موجزة فى حكمة نلتمسها فى نزول سورة براءة عقب غزوة تبوك، وعند حج الصديق رضى الله تبارك وتعالى عنه بتأمير النبى صلى الله تعالى عليه وسلم له، والله سبحانه وتعالى هو الحكيم الخبير، لا يسأل عما يفعل، وكلنا نسأل عما نفعل، وإذا تلمسنا الحكمة فإنما نقرب إلى الأفهام ولا نتعرف الأسباب فنحن نقارب، ونطلب المعرفة من الله العلى الحكيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>