للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن فى هذا النص وصفا للنبى عليه الصلاة والسلام بعينه من بين الرسل، وذلك الوصف هو قوله: «ويسوسهم بالحق» ولا شك أن رسالة محمد عليه الصلاة والسلام، لم تقتصر على بيان الحقائق الإلهية التى بعث بها عليه الصلاة والسلام، بل ساس الناس لتطبيقها، فأنشأ دولة، وطبق النظم القرانية تطبيقا دقيقا سليما، وإن هذه صفة كاملة لرسالة محمد عليه الصلاة والسلام، وعمله.

وإن كلمة البارقليط التى جاءت فى هذه النصوص قال علماء العبرية أن ترجمتها الحرفية كما أسلفنا أحمد، وهى فى معناها الذى يعرف السر، والحكمة، وهو قد بلغ أقصى الحمد لهذا.

١٧٧- ولقد نقل بعض الكتاب الفضلاء «١» عبارات من كتب العهد القديم، عن الزبور الذى جاء به داود عليه السلام، وأشعياء، وشمعون، وحزقيل.

(أ) ومما جاء فى مزامير داود «اللهم اجعل جاعل السنة يحيا» .

وجاء فيه، «إنه اذا جاءت الرحمة على شفتيك من أجل ذلك أبارك عليك إلى الأبد، فتقلد السيف، فإن بهاءك وحمدك الغالب، واركب كلمة الحق، فإن شرائعك مقرونة بهيبة يمينك، والأمم يخرون تحتك» .

ولا شك أن دلالة هذه النصوص على التبشير بمحمد عليه الصلاة والسلام وليست هذه الإشارة بينة، كبيانها فى النقول السابقة عن توراة موسى، وإنجيل عيسى عليهما السلام، ولكنها قد تدل بالاقتضاء، لا بالإشارة المجردة، لأن الذى أحيا السنة وهى عبادة الله تعالى واحده، إذ هى الطريقة القويمة هو محمد عليه الصلاة والسلام، بعد أن حرفت النصرانية، إلى انحراف التثليث.

وفى النص كانت الدلالة بالتضمين أيضا، إذ وصف فيه من يباركه الله تعالى بأن شريعته تقرن بهيبة يمينه، وإن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام تأمر بدفع الباطل بما تحمله اليمين وهو السيف، ولم تكن شريعة عيسى عليه السلام كذلك، إنما كان يغلب التسامح، ولم يحمل سيفا، ولم يدع الحواريين إلى حمل السيف، بل الذى حمل السيف الذى يشير إليه نبى الله داود، ووضع الباطل تحت الأقدام، وخر الجبابرة تحت الشريعة الإسلامية في عهده، وعهد الحواريين من أصحابه هو محمد عليه الصلاة والسلام.

ولقد جاء فى الزبور عبارة لعلها أصرح من هذه العبارة فى سلطان شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا نصها «فإذا جاز من البحر إلى البحر، ومن عند الأنهار إلى منقطع البر، وخر أهل الجزائر على وجوههم كبهم ولحس أعداؤه التراب، وجاءته الملوك بالقرابين، ودانت له الأمم بالطاعة، لأنه يخلص


(١) هو ابن ظفر فى كتابه خير البشر- ص ١٤ و ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>