وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ «١» فلما بلغه ما تلا عليهم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم. قال: إنه إن لم يكن دينا فهو فى خلق الناس أمر حسن، يا بنى كونوا فى هذا الأمر أولا، ولا تكونوا اخرا.
وقد أسلم أبو ذر الغفارى بهذا العلم العام الذى شهرت به دعوة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم.
وكذلك أسلم على هذا النحو الطفيل بن عمرو، فقد أسلم إذ جاءه الخبر بدعوة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان رجلا شريفا شاكرا، وقد حضر إلى مكة المكرمة ليتعرف خبره وما يدعو إليه، ولنتركه يقص علينا قصة إيمانه، إذ يحدث أنه قدم مكة المكرمة، فمشى إليه رجال من قريش فقالوا:
يا طفيل إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل بين أظهرنا قد أعضل بنا (أى ظلمنا) ، وقد فرق جماعتنا وشتت أمرنا، وإنما قوله سحر، يفرق بين الرجل وبين بنيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبين الرجل وبين زوجته، وإننا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئا.
ويقول الطفيل: «فو الله ما زالوا حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت فى أذنى حين غدوت إلى المسجد كرسفا خوفا من أن يبلغنى شيء من قوله، وأنا لا أريد أن أسمعه، فغدوت إلى المسجد. فإذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قائم يصلى عند الكعبة الشريفة، فقمت منه قريبا.
فأبى الله تعالى إلا أن يسمعنى بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا. فقلت فى نفسى: واثكل أمى! والله إنى لرجل لبيب شاعر ما يخفى على الحسن من القبيح، فما يمنعنى أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان الذى يأتى به حسنا قبلته، وإن كان قبيحا تركته.
ولما انصرف النبى عليه الصلاة والسلام من صلاته إلى بيته تبعه الطفيل وقد مال إلى الإسلام فدخل على النبى عليه الصلاة والسلام وقال له:
«يا محمد، إن قومك قد قالوا كذا وكذا، فو الله ما برحوا يخوفوننى أمرك حتى سددت أذنى بكرسف لئلا أسمع، ثم أبى الله تعالى إلا أن يسمعنى قولك، فسمعته قولا حسنا فاعرض على أمرك.
قال فعرض على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وتلا على القران الكريم، فو الله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله إنى امرؤ مطاع