قتل حامل اللواء الإسلامى مصعب بن عمير، فحمل اللواء على رضى الله عنه، فما سقط اللواء، ولكن الخسارة الكبرى كانت في مقتل حمزة.
لقد قتل غيلة، ما قتل في مبارزة، ولا في مواجهة فما كان بنو هاشم ليقتلوا إلا غيلة خيانة وجبنا.
لقد تواصت هند، وغيرها من قريش مع وحشى العبد الحبشى الذى يجيد القذف بالرمح، ولا يجيد الضرب بالسيف وما كان يجديه لو أجاده أمام أسد الله تعالى حمزة.
كان حمزة يجندل الأبطال، وما تقدم نحوه أحد إلا جعله يعض التراب مستهزئا به، ساخرا منه، وهو يتبختر، ويدل بمواقفه في القتال.
وقد كان يتربص به العبد الذى جعل سيده جبير بن مطعم قتل حمزة عم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ثمن عتقه، كما قتل حمزة عمه.
كان وحشى يختبيء وراء الأشجار لتسنح له فرصة يرمى فيها رميته، وحمزة، كما قال العبد، يحمل سيفه كالجمل الأورق يهد به الجيش هدا، فرماه بحربته التى لم تخطيء، ونال حريته.
فقتل عم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وسيد الشهداء. كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قال كلمة حق أمام سلطان جائر فقتله» .
وإذا كان ذلك قد أرضى جبير بن مطعم، وأرضى هند بنت عتبة، فإنه لم يرض الشرف والمروءة، وأرضى النذلة والخيانة، وأنى يكون هذا من فعل أبى دجانة، وقد رأى امرأة محاربة فتركها تنزيها لسيف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقتل به امرأة تقاتل.
ولكن ما وهن جيش الإسلام، ولا ضعف، وإن ذهبت منه قوة ليس من السهل أن تعوض إذ استشهد منه رجل كان كألف من الرجال الأشداء.
بل استمر جيش الحق في تتبعه لأعداء الله تعالى، فلم يهن، وإن حزن بل مضى في طريقه، وكان هو الغالب، والمشركون يتساقط من بين أيديهم لواؤهم حاملا بعد حامل.
قتل حامل اللواء طلحة بن أبى طلحة، فحمله أخوه عثمان بن أبى طلحة، ثم حمله من بعده أخوه أبو سعد وقد طلب المبارزة من على متحديا، فتصدى له على الذى لم يفر من مبارز، ولم يبارز أحدا إلا نال منه، فبارز حامل لواء المشركين، وهو الذى آل إليه لواء المؤمنين بعد مصعب بن عمير، فاختلفا ضربتين فنبت ضربة ابن أبى طلحة، وضربه على فصرعه، ثم انصرف عنه، ولم يجهز عليه، ولعله لم يجهز عليه، لأن فارس الإسلام لا يقتل مصروعا، بل يقتل من يقف أمامه، وقال على رضى الله تعالى