البيت، فلا يفتح إلا بأمره، ومعنى السقاية تولى سقاية الحج، والرفادة كانت خرجا تخرجه قريش فى كل موسم من أموالها وتعطيه قصيا، فتصنع به طعاما للحجاج فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد. وقد سن هذه السنة الكريمة، ودعا إإليها قريشا، وقال فى خطابه لهم بذلك:
«يا معشر قريش إنكم جيران الله، وأهل بيته. وأهل الحرم، وإن الحجاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم» .
ومعنى اللواء ألا يعقد لقريش لواء إلا بيد قصى هذا، ومعنى الندوة دار الشورى لقريش، ثم كانت من بعد ذلك للعرب، فكانت تعقد فى دار قصي.
وقد أعطى كل هذه الحقوق التى نالها بهمته لابنه عبد الدار، ليعزه بها، وأراد أن يرفع خسيسته وينال الشرف على بنى عمه من قريش، ولذلك قال له أبوه عندما أعطاه إياها:«أنا والله يا بنى لألحقنك بالقوم، وإن كانوا قد شرفوا عليك» .
وكان عبد الدار هذا ولده البكر، وله ولد اخر هو عبد مناف، وقد شرف فى مكة بذاته، ونبل أمره، وقد ذهب كل مذهب، وأبوه حى.
وقد أراد أبوه بإعطائه عبد الدار ما أعطى أن يتعادل الأخوان فى الشرف الذى وصل إليه الأول بذاته ونبله، وتخلف الثانى فأعطاه أبوه ما يعوض تخلفه.
وعبد مناف هذا هو الجد الرابع للنبى صلّى الله عليه وسلّم، وقد أعطى الله عبد مناف أولادا أربعة هم عبد شمس جد الأمويين، وهاشم والمطلب الذى ربى عبد المطلب الذى يعد اسمه الأصلى شيبة الحمد، ونوفل جد جبير بن مطعم.
٦١- وكان أولئك الأربعة فيهم شرف ذاتى كشرف أبيهم ونبله، فلم يتركوا لعبد الدار وأولاده ما أعطاه جدهم قصي، ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لفضلهم فى قومهم، وقد انقسمت قريش فى تمكين بنى عبد مناف من نزع ما بأيدى أولاد عمهم، فرأى بعضهم أنهم أولى لمكان فضلهم، وليس إمرة مكة وزعامتها عطاء يعطى من لا يستأهله، بل يوسد الأمر لمن هو له أهل، ورأى اخرون أن بنى عبد الدار أولى، لأن قصيا صاحب الحق هو الذى أعطى أباهم، ولأنه بأيديهم، ولا ينزع من يد صاحبه لغيره، ومن قريش طائفة التزمت الحياد.