للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البخارى بسنده «إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فبات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها فقال عليه الصلاة والسلام: أين على بن أبى طالب، فقالوا: يا رسول الله يشتكى عينيه، فأرسل إليه فأتى فبصق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال: يا رسول الله أقاتلهم، حتى يكونوا مثلنا. فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: انفذ على رسلك، حتى تنزل ساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم.

ابتدأ القتال حول الحصون، ويقول ابن إسحاق: تقدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الأموال يأخذ الأقرب فالأقرب منها، وفى هذه الأثناء خرج المرحب فارسهم فقصده على بن أبى طالب فقتله.

ثم تدانى جيش المؤمنين، يأخذ الأدنى فالأدنى، وأول حصن فتحوه والراية فى يد على كرم الله وجهه حصن ناعم، ثم القموص حصن أبى الحقيق، وكلما فتح حصن فر من كانوا فيه إلى الحصن الذى يليه، فيجتمع فيه مع من آلوا إليه فارين من حر السيف وقوة الإيمان، وكانت المبارزات أحيانا.

ولقد فتح القموص بعد حصار دام عشرين ليلة كما جاء فى سيرة ابن إسحاق، وكان فى أرض وخمة شديدة الحر، فجهد أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جهدا شديدا لوخم الأرض وحرارتها.

ولقد تحركت اليهود من بعد ذلك كما قال الواقدى إلى قلعة الزبير، وهى حصن منيع، فأقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى حصاره ثلاثة أيام.

وقد جاء رجل يهودى يظهر من أمره أنه مال إلى الإسلام، كما يدل قوله وعمله، فقال للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم: يا أبا القاسم إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن لهم سردابا وعيونا تحت الأرض.

يخرجون بالليل فيشربون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم، فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليهم خرجوا لك، فسار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى مائهم، فلما قطع عليهم خرجوا فقاتلوا أشد القتال وقتل من المسلمين يومئذ نفر وأصيب من اليهود عشرة، وافتتحه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكان آخر حصون النطاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>