أعول من كان يعول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، والله لقرابة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحب إلى أن أصل من قرابتي، وصدق رضى الله عنه وأرضاه، فإنه البار الراشد، فى ذلك التابع للحق.
نحن لا نظن أن السيدة الزهراء التى هى قطعة من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يكون طلبها للميراث، وإنما طلبها أن تتولى هى الصدقة.
وقد صرح ابن كثير أن فاطمة طلبت بلسان العباس وعلى أن ينظرا فى هذه الصدقة وأن يصرفا ذلك فى المصارف التى كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يصرفها فيها، فأبى عليهم الصديق ذلك، ونحن لا نفرض أنهم طلبوا ميراثا، فعلى كرم الله وجهه ما كان يجهل أن الأنبياء لا يورثون، وهو فقيه الصحابة، وكما قال صلى الله تعالى عليه وسلم أقضى الصحابة.
ويقول الحافظ ابن كثير أن فاطمة رضى الله تبارك وتعالى عنها، والصلاة والسلام على أبيها غضبت عليه فى ذلك ووجدت فى نفسها بعض الموجدة، ولم يكن لها ذلك، والصديق من قد عرفت هى والمسلمون محله من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقيامه فى نصرة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وتوفيت فاطمة بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ... «فلما كانت أيام عمر بن الخطاب سألوه أن يفوض أمر هذه الصدقة إلى على والعباس، وثقلوا عليه بجماعات من سادات الصحابة ففعل عمر ذلك لكثرة أشغاله، واتساع مملكته، وامتداد رعيته» .
هذه عبارات الحافظ ابن كثير، وله مقامه فى علم السنة، والأخذ بمنهاج السلف، ولكن نلاحظ أن عباراته فى حق فاطمة التى تنتهى عترة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إليها لم تكن لائقة بمقامها من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فإذا كان للصديق مكانته، فلفاطمة مكانتها من المحبة لأنها قطعة منه صلى الله تعالى عليه وسلم، فقوله عنها ما كان لها ذلك فيه تعد للحدود، بدليل أن عمر بن الخطاب من بعده نفذ ما طلبت، فلم تكن متجنية عندما وجدت موجدة على الصديق صديق أبيها.
وهناك عبارة لا نوافقه عليها، لأنه يقول أنهم ثقلوا على عمر رضى الله عنه بجماعة من سادات الصحابة، فإن هذه العبارة لا يصح أن تقال فى على ولا فى عمر، فمقام على أجل من أن يعبر عنه فى طلبه واحتكامه إلى الصحابة بكلمة ثقلوا، وما كان عمر بن الخطاب فاروق الإسلام من صفاته أن يخضع لإثقال أحد من الصحابة، فهو القوى فى الحق الذى لا يخشى فيه لومة لائم، وما كنا نود أن يقع هذا من الحافظ ابن كثير العالم السلفى الإمام، إنما الأمر الذى يتصور أن يكون من العباس وعلى أنهما احتكما إلى جمع من الصحابة فنزل عمر عند رأيهم، لأنه رآه أنه الحق، ولنذكر بقية ما قصه الحافظ ابن كثير.