خيبر، وصارت له ولأصحابه ولقد أسلمت. وما جئت إلا لأخذ مالى فرقا من أن أغلب عليه، فإذا مضت ثلاث ليال، فأظهر أمرك فهو والله على ما نحب.
مكث العباس ثلاث ليال لا يلتقى بالناس، حتى إذا خرج لبس حلة، وتطيب، وأخذ عصاه، وخرج حتى أتى الكعبة المشرفة، فلما رأوه قالوا والله هذا التجلد لحر المصيبة.
قال: كلا والله الذى حلفتم به، لقد افتتح محمد صلى الله تعالى عليه وسلم خيبر، ونزل عروسا على بنت ملكهم، وأحرز أموالهم وما فيها، فأصبحت له، ولأصحابه. قالوا: من جاءك بهذا الخبر؟ قال: الذى جاءكم بما جاءكم به، ولقد دخل عليكم مسلما، فأخذ ماله، وانطلق ليلحق بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه، فيكون معه، قالوا: يالعباد الله أفلت عدو الله، أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن، ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر.
ونقف وقفة قصيرة فى هذا، أيعد الرجل قد كذب، وهل يعد هذا الكذب إثما، ونقول قبل الإجابة أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يأذن له بالكذب، بل أذن بالقول، بأن يورى ولا يكذب، وأن يحاول من غير أن يتورط فى قول غير صحيح فى ذاته ولا فى موضعه.
ولكن هل يعتبر كذبا أن يوهم بالقول، ثم يوضح هو الحقيقة، وهو بين قوم ظالمين، ولا يمكن أن يصل إلى حقه المشروع إلا إذا أوهمهم، ثم أزال وهمهم بقول الحق الصريح، وهو قد ترك للعباس أن يصحح القول، ويبين مقصده من إيهامهم.
وإنى أحسب أنه لم يكذب ويصر على ما أدخله فى نفوسهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.