إلى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه، فكلمه، فقال عمر رضى الله عنه: أنا أشفع إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فوالله لو لم أجد لكم إلا الذر لجاهدتكم به، ترك عمر يائسا، كما يئس من أبى بكر.
فذهب إلى على بن أبى طالب، وله به رحم، فدخل على على وعنده الزهراء فاطمة بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وعنده حسن ابنها غلام يدب بينهما.
قال أبو سفيان يا على إنك أمس القوم بى رحما، وأقربهم منى قرابة، وقد جئت فى حاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا فاشفع لى إلى رسول الله.
قال على: ويحك أبا سفيان، والله لقد عزم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه.
التفت أبو سفيان إلى الزهراء فاطمة فقال لها: يا بنت محمد هل لك أن تأمرى ابنك هذا فيجير بين الناس، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر.
قالت الزهراء فاطمة: والله ما بلغ بابنى ذلك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
اتجه أبو سفيان مرة ثانية، وقال له: يا أبا الحسن إنى أرى الأمور قد اشتدت على، فانصحنى، فقال على: والله ما أعلم شيئا يغنى عنك، ولكنك سيد بنى كنانة، فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك.
قال أبو سفيان: أو ترى ذلك مغنيا عنى شيئا، قال على: لا والله ما أظن، ولكن لا أجد عملا غير ذلك. قام أبو سفيان فى المسجد، فقال: أيها الناس إنى قد أجرت بين الناس. ثم ركب بعيره فانطلق حتى قدم على قريش، وقد أحسوا كبر ما فعلوا، وحمق ما صنعوا، سألوه، فأخبرهم بأن أحدا لم يردوا عليه شيئا، لا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا أبو بكر ولا عمر، ثم ما أشار به على من أنه أجير بين يدى الناس، فسألوه هل أجاره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم. قال: لا.