للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا، فقالت بنو سليم: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. فقال العباس بن مرداس لقومه: وهنتمونى.

وهنا نجد الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم الحر الكريم المحب للحرية يبين أنه يريد تحرير السبى، فيقول صلى الله تعالى عليه وسلم «إن هؤلاء القوم، قد جاؤا مسلمين، وقد كنت استأنيت سبيهم، وقد خيرتهم، فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا، فمن كان منكم عنده منهن شيء فطابت نفسه، فبسبيل ذلك. ومن أحب أن يتمسك بحقه، فليرد عليهم، وله بكل فريضة ست فرائض من أول ما يفيء الله علينا»

فدى بذلك كل السبايا من مال المؤمنين، وقد طابت نفوس الناس بذلك وقالوا قد طيبنا رسول الله.

واتجه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من بعد ذلك إلى تعرف من رضى ومن لم يرض، وقال: ارجعوا حتى يرفع إلينا وفاؤكم أمركم، فتفرقوا، وردوا النساء والأبناء ولم يتخلف منهم أحد غير عيينة بن حصن، فإنه أبى أن يرد عجوزا صارت إليه من السبى، ثم ردها من بعد.

وإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم رد السبايا مكرمات، وكساهن كسوة كريمة، فكساهن من القباطى، وأعطى كل واحدة منهن قبطية، ولسان حاله يقول رحمة: مغلوبين مكرمين.

وقبل أن ننتهى من الكلام فى الغنائم ومالها، وهى غنائم هوازن نذكر حكمة الله تعالى فيها ورعايته لجيش الإسلام، وحمايته من الضياع.

ذلك أن فتح مكة المكرمة لم ينل فيه المسلمون شيئا من الغنائم، فما أفاء الله تعالى على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنين بشيء منها تكريما لها، وحماية لأموالها، فجاؤا إليه غير فاتحين بل جاؤا طائفين ساعين بين الصفا والمروة، وإن لم يحرموا إحرام عمرة.

ولكنه جيش جرار، يضم عشرة آلاف جاؤا من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، فلا بد أن يحتاجوا ما يمون جيشا كبيرا، فهؤلاء قطعوا الفيافى والقفار، وليسوا على مقربة من ديارهم حتى ينالوا منها ما يحتاجون إليه.

فساقهم الله تعالى إلى هوازن، وساق هوازن إليهم، وقذف الله تعالى إلى قلب قائدها مالك بن عوف أن يخرج بمال هوازن جميعه ونسائهم ليقوى الجيش وتجرى فيه الحماسة دفاعا عنهم، فلم يغن عنهم من ذلك شىء، وساق الله تعالى بذلك سبيا كثيرا، ومالهم كله، فأخذ جيش الإسلام المال كله، ووزعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بما أراه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>