صلى الله تعالى عليه وسلم وليس معه كتاب أمان ولا أمان، فقال القوم هذا عدى بن حاتم، وقال عدى فلما دفعت إليه أخذ بيدى وكان قبل ذلك قد قال إنى أرجو أن يجعل الله يده فى يدى.
وظهرت أمام عدى أخلاق النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ورفقه بالضعفاء، لقد رأى امرأة لقيته ومعها صبى فقالت له إن لنا إليك حاجة فقام معها، حتى قضى حاجتها.
ويقول عدى بن حاتم، ثم أخذ بيدى، حتى أتى داره، فألقت له الوليدة وسادة فجلس عليها، وجلست بين يديه، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ما يضرك؟ أيضرك أن تقول: لا إله إلا الله، فهل تعلم من إله سوى الله قلت: لا، ثم تكلم ساعة، ثم قال، أيضرك أن يقال الله أكبر وهل تعلم شيئا أكبر من الله، قلت لا قال فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضالون، فقلت: إنى حنيف مسلم، فرأيت وجهه ينبسط فرحا، ثم أمرنى فنزلت عند رجل من الأنصار وجعلت آتيه طرفى النهار، فبينما أنا عنده إذ جاء قوم فى ثياب من الصوف من هذه الثمار فصلى ثم قام فقال: يا أيها الناس ارضخوا من الفضل ولو بصاع أو بنصف صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، يقى أحدكم وجهه حر جهنم، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة، فإن أحدكم لاقى الله وقائل له ما أقول لكم، ألم أجعل لك مالا وولدا، فيقول: بلى، فيقول أين ما قدمت لنفسك، فينظر قدامه وبعقبه، وعن يمينه وعن شماله يقى به وجهه نار جهنم، ليق أحدكم وجهه النار، ولو بشق تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة، فإنى لا أخاف عليكم الفاقة فإن الله ناصركم ومعطيكم حتى تسير الظعينة ما بين يثرب والحيرة، وأكثر ما يخاف على مطيتها السرقة.
قال عدى بن حاتم: فجعلت أقول لنفسى أين لصوص طيئ.
نقلنا هذا الحديث، لنرى أولا: الرفق والتقريب النفسى فى المعاملة والعطف وحث الناس على الأخلاق الطيبة، وذكر ماثر ذوى الأخلاق، حتى خرج الرجل من مجلس الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو أحب الناس إليه وكان من قبل يكرهه أشد ما تكون كراهة الرجل للرجل.
وإن هذا الخبر يرى القاريء مجلسا من مجالس النبوة، وإنه لمجلس يهدى إلى الرشد، أجف الناس حلقا، وأبعدهم عن الحق، إذا لم يكتب الله تعالى عليهم الضلالة، ويقربهم من الغواية. والله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم لهما المن والفضل.