وكان لا بد من منع الفتنة فى الدين الذى تكرر منهم، ولذلك أوصى بإرسال جيش أسامة إليهم، ليعلمهم أن أهل الإيمان لا يسلمون مسلما أو يخذلونه.
وإذا لم تكن ثمة نتائج حربية إلا هذه الصورة التى ذكرناها، فقد كانت هناك نتائج أخرى لا تقل آثارها عن النتائج الحربية بل تزيد عليها.
أولها: أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم علم أحوال القبائل العربية التى تتاخم الشام من صحراء العرب، وألقى فى نفوس أهلها روح العزة الإسلامية لكيلا يكونوا من بعد ذلك للرومان تبعا يضربون بسيوفهم العرب ويكونوا شوكة فى جنب، وليريهم أن الرومان فروا من لقائه، وبذلك يستهينون بالرومان، ويمزقوا نفوذهم، ويستعدوا لينالوا من الرومان، ويضربوهم بالسيوف الإسلامية، كما كان فى واقعة اليرموك من بعد.
ثانيها: إن كلمة الإسلام أخذت تتردد فى الشام بين نصارى غسان، فكثر التابع، وقل المانع وعلم أولئك العرب أن المستقبل للإسلام فى تلك الأرض لأنه دين الله ودين الحق الواضح الذى لا ضلال فيه، وأنه الدين المستقيم الذى لا التواء فى معانيه، وبذلك لا يناصرون الرومان، لذلك كانت واقعة اليرموك فى الشام بين الرومان والمسلمين، ولم يكن للعرب دور فيها يعاونون الرومان به.
ثالثها: أن الفكر الإسلامى أخذ يتلاقى مع النصارى وتميزت الحقائق الإسلامية لدى كبراء النصارى، ومن أسلم منهم كان له إسلامه، ومن لم يسلم كان عقد الهدنة، وكانت بعض السرايا تذهب فى الأرض القريبة من الشام.
ولعل أبرز الاتصال بين مباديء الإسلام، والنصارى، مكاتبة قيصر للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم.