(فَصْلٌ (١)
(وَالمَجَازُ) لَفْظُه حقيقةٌ عُرْفًا، مجازٌ لُغَةً، كالحقيقةِ، ويَأتي آخِرَ الفصلِ؛ لأنَّه مَفْعَلٌ للمَصْدَرِ أو للمكانِ مِن الجوازِ، وهو العُبورُ، ثمَّ نُقِلَ إلى المرادِ هنا، فهو مَجازٌ في الدَّرجةِ الأُولى؛ لأنَّ العُبورَ: انتقالُ الجِسمِ، ومَفْعَلٌ هنا بمَعنى فاعلٍ؛ لأنَّ اللَّفظ يَنتقلُ فيَكونُ مجازًا.
وقولُه في حَدِّه: (قَوْلٌ) جنسٌ قريبٌ، وقولُه: (مُسْتَعْمَلٌ) احتِرازٌ مِن المُهْمَلِ، ومِن اللَّفظ قبْلَ الاستعمالِ؛ فإنَّه لا حقيقةٌ وَلَا مجازٌ.
واحتُرزَ بقولِه: (بِوَضْعٍ ثَانٍ) مِن الحقيقةِ، فإنَّها بوضعٍ أوَّلَ.
وخَرَجَ بقولِه: (لِعَلَاقَةٍ) الأعلامُ المنقولةُ، كبَكْرٍ ونَحوِه، فليسَ بمجازٍ، وإن كانَ منقولًا؛ لكَوْنِه لم يُنْقَلْ لعَلاقةِ مُشابَهَةٍ حاصلةٍ بينَ المعنى الأوَّلِ والمعنى الثَّاني، بحَيثُ يَنتقِلُ الذِّهنُ بواسِطتِها عن مَحَلِّ المجازِ إلى الحقيقةِ.
(وَلَا يُعْتَبَرُ لُزُومٌ ذِهْنِيٌّ بَيْنَ المَعْنَيَيْنِ) أي: بينَ المَعنى الحقيقيِّ والمَجازيِّ؛ لأنَّ أكثرَ المجازاتِ المعتبَرةِ عارِيَةٌ عن اللُّزومِ الذِّهنيِّ.
(وَ) إِنَّمَا (صِيرَ إِلَيْهِ) أي: عُدِلَ عنِ الحقيقةِ إلى المجازِ لفوائدَ كثيرةٍ حَسَنةٍ:
- منها (لِبَلَاغَتِهِ) لصلاحِيَتِه للسَّجْعِ والتَّجْنِيسِ، وسائرِ أنواعِ البديعِ،
- (أَوْ ثِقَلِهَا) أي: ثِقَلِ لفظِ الحقيقةِ على اللِّسانِ كالخَنْفَقِيقِ -بفتحِ الخاءِ المُعجَمةِ وسكونِ النُّونِ، وفتحِ الفاءِ، وكسرِ القافِ، وسكونِ الياءِ المُثَنَّاةِ تحتُ، وآخِرُه قافٌ- اسمٌ للدَّاهِيَةِ يُعدَلُ عنه إلى النَّائبةِ، أو الحادثةِ.
(١) قوله: فصل. زيادة من «مختصر التَّحريرِ» (ص ٤٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute