للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَعَانِيها، فَرَّقَ هؤلاءِ بينَ ما قَصَدُوه مِن هذا النَّوعِ وبينَ تلك، فمادَّةُ «وَجَدَ» مُتَّحِدَةُ الماضي والمضارعِ، مُختلفةُ المصادرِ بحَسَبِ اختلافِ المعاني، فيُقالُ في الغَضَبِ: مَوْجِدَةٌ، وفي المطلوبِ: وُجُودًا، وفي الضَّالَّةِ: وِجدانًا، وفي الحُبِّ: وَجْدًا بالفتحِ، وفي المالِ: وُجدانًا بالضَّمِّ، وفي الغِنَى: جِدَةٌ بكسْرِ الجيمِ وتخفيفِ الدَّالِ المفتوحةِ على الأشهرِ في جميعِ ذلك، وقالوا أيضًا في المكتوبِ: وِجادةٌ، وهي مُوَلَّدَةٌ، وزِيدَ في الغضبِ أيضًا: جِدَةٌ، وفي الغِنى: إجدانًا (١).

والوِجادةُ اصطلاحًا: (وِجْدُانُهُ) أي: الرَّاوي (شَيْئًا) حديثًا أو نحوَه، مكتوبًا (بِخَطِّ الشَّيْخِ) الَّذِي يَعرِفُه ويَثِقُ بأنَّه خَطُّه، حيًّا كانَ الشَّيخُ أو مَيِّتًا، (وَ) أمَّا الرِّوايةُ به فـ (يَقُولُ: وَجَدْتُ بِخَطِّ فُلَانٍ) كذا، وإذا لم يَثِقْ بذلك يَقُولُ: ذَكَرَ أنَّه خَطُّ فلانٍ، ولا يَقُولُ حَدَّثَنَا وأَخْبَرَنا على الصَّحيحِ.

- (وَلَا) تَجُوزُ الرِّوَايَةُ (بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الشَّيْخِ: سَمِعْتُ كَذَا، و) لا بمُجَرَّدِ قَوْلِه: (هذا سَمَاعِي، أَوْ) هذا (رِوَايَتِي، أَوْ) قولِه: (هَذَا خَطِّي) وهو الصَّحيحُ، وأمَّا أن يَقُولَ: «عن فلانٍ»، فتَدليسٌ قبيحٌ إذا كانَ يُوهِمُ سَمَاعَه منه، قالَه ابنُ الصَّلاحِ (٢).

(وَيَعْمَلُ) وُجوبًا (بِمَا) أي: بحديثٍ (ظَنَّ) الرَّاوي (صِحَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ) المُتَقَدِّمِ الَّذِي لا تَجُوزُ له روايتُه، فلا يَتَوَقَّفُ وجوبُ العملِ على جوازِ روايتِه عندَ أصحابِنا وغيرِهم، لعملِ الصَّحابةِ على كُتُبِ النِّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

وقيلَ: لا يَعمَلُ به.


(١) ينظر: «معرفة أنواع علوم الحديث» (ص ٢٨٨).
(٢) «معرفة أنواع علوم الحديث» (ص ٢٨٩).

<<  <   >  >>