«لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ» (١).
- (أَوْ) بِـ (تَأْوِيلِهِ) بأن يَدَّعِيَ أنَّ النَّصَّ المُعارَضَ به مُؤَوَّلٌ بدليلٍ يُرَجِّحُه على الظَّاهرِ، كأنْ يَقُولَ في مسألةِ الصَّومِ: إنَّ الآيةَ دَلَّتْ على ثوابِ الصَّائمِ، وإنَّا لا نُسَلِّمُ أنَّ المُمسِكَ بدونِ تبييتِ النِّيَّةِ صائمٌ.
- (أَوْ) بِـ (القَوْلِ بِمُوجَبِهِ) على ظاهرِه ويَدَّعِيَ أنَّ مَدلولَه لا يُنافي القِيَاسَ، كأنْ يَقُولَ: إنَّ الآيةَ دَلَّتْ على أنَّ الصَّائمَ يُثابُ بدونِ تبييتِ النِّيَّةِ، وأنا أَقولُ بمُوجَبِه، لكنَّها لا تَدُلُّ على أنَّه لا يَلْزَمُه القضاءُ، والنِّزاعُ فيه.
- (أَوْ) بِـ (مُعَارَضَتِهِ) أي: معارضةِ النَّصِّ (بِـ) نصٍّ (مِثْلِهِ) فَيُسَلَّمُ القِيَاسُ حينئذٍ لقوَّتِه بموافقةِ النَّصِّ.
القادحُ الثَّالثُ: (فَسَادُ الوَضْعِ وَهُوَ أَخَصُّ مِمَّا تَلَاه) أي: مِن فسادِ الاعتبارِ.
فإنْ قِيلَ: فسادُ الاعتبارِ يَؤُولُ إلى فسادِ الوضعِ؛ لأنَّ كلًّا مِنهما اجتهادٌ في مقابلةِ النَّصِّ فما وجهُ تَمييزِه عنه؟
والجوابُ: أنَّ مِن أنواعِ فسادِ الاعتبارِ كَوْنَ تَركيبِه مُشعِرًا بنقيضِ الحُكمِ المطلوبِ، فهو أَعَمُّ مِن فسادِ الوضعِ ومُقَدَّمٌ عليه؛ لأنَّ فسادَ الاعتبارِ نَظَرٌ في فسادِ القِيَاسِ [مِن حيثُ الحُكمُ، وفسادُ الوضعِ أخصُّ باعتبارٍ؛ لأنَّه يَستلزمُ عَدَمَ اعتبارِ القِيَاسِ] (١)؛ لأنَّه قد يَكُونُ بالنَّظَرِ إلى أمرٍ خارجٍ عنه وهو: (كَوْنُ الجَامِعِ) بينَ الأصلِ والفرعِ (ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِنَصٍّ) في نقيضِ الحُكمِ، كقولِ حنفيٍّ: الهِرَّةُ سَبُعٌ ذو نابٍ، فيَكُونُ سُؤرُه نَجِسًا كالكلبِ.
(١) ليس في «ع».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute