للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصَوَّبَه بعضُهم دَفعًا لمحذورِ الإجمالِ، وذلك حيثُ لا يَجُوزُ (١) اللَّفظُ مشهورًا بالإجمالِ، أمَّا إذا اشتهرَ بالإجمالِ كالعَينِ والقُرءِ والجَونِ ونحوِها؛ فلا يَصِحُّ فيه دَعوى الظُّهورِ أصلًا.

وأمَّا إذا فَسَّرَه بما لا يحتملُ: فلعبٌ، فلا يُسمَعُ؛ لأنَّ غايتَه أنَّه نطقٌ بلغةٍ غيرِ معروفةٍ.

قالَ الحواريُّ (٢): وهذا الحقُّ، وقالَ العَبيديُّ (٣): لا يَلزَمُه التَّفسيرُ أصلًا (٤).

هذا كُلُّه إذا لم يَكُنِ اللَّفظُ مشهورًا، فإنْ كانَ مَشهورًا فالجزمُ تَبْكِيتُ المُعتَرضِ، ويُقالُ: «مُرْ فتَعَلَّمْ، ثمَّ ارجعْ فتَكَلَّمْ»، وهذا مَعنى قولِه: (وَلَا يُعْتَدُّ بِتَفْسِيرِهِ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ لُغَةً).

الثَّاني مِن القوادحِ: (فَسَادُ الِاعْتِبَارِ) وهو (مُخَالَفَةُ القِيَاسِ نَصًّا) للقرآنِ أو السُّنَّةِ (أَوْ) مخالفتُه (إِجْمَاعًا) فإنَّ ذلك يَدُلُّ على فسادِه.

مثالُ مخالفتِه نصَّ القُرآنِ: أنْ يَقُولَ المُستدلُّ في تَبْيِيتِ الصَّومِ: صَومٌ مفروضٌ، فلا يَصِحُّ بنيَّةٍ مِن النَّهارِ كالقضاءِ. فيَقُولُ المُعتَرضُ: هذا فاسدُ الاعتبارِ؛ لمخالفةِ قولِه تَعالى: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} (٥) فإِنَّه يَدُلُّ على أنَّ


(١) كذا في «ع»، «د». وفي «التحبير»، و «الفوائد السنية في شرح الألفية» (٥/ ١٣٠): يكون.
(٢) هو عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز الغساني، الحواري. ترجمته في «ذيل طبقات الحنابلة» (٤/ ٣٩).
(٣) كذا في «ع»، «د»، و «التحبير»، وفي «الفوائد السنية في شرح الألفية» (٥/ ١٣١)، و «البحر المحيط» (٤/ ٢٧٩): العَميدي. وهو الصواب، وهو العلامة ركن الدين أبو حامد محمد بن محمد العميدي الحنفي، كان مبرزًا في الخلاف والنظر. ترجمته في «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ٧٦).
(٤) «التحبير شرح التحرير» (٧/ ٣٥٥١).
(٥) الأحزاب: ٣٥.

<<  <   >  >>