للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

[قالَ الأئمَّةُ الأربعةُ وغيرُهم] (١): (لَا يُنْقَضُ حُكْمُ) حاكمٍ (فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ) للتَّساوي في الحُكمِ بالظَّنِّ، ولأنَّه عملُ الصَّحابةِ، وللتَّسلسلِ، فيَمتنعُ نقضُ حكمِ الاجتهادِ بتغيُّرِه باجتهادٍ آخَرَ، سواءٌ كانَ مِن المجتهدِ الأوَّلِ أو مِن غيرهِ؛ لِما يَلْزَمُ على نقضِه مِن التَّسلسلِ؛ إذ لو جازَ النَّقضُ لجازَ نقضُ النَّقضِ، وهكذا، فتَفُوتُ مصلحةُ حُكمِ الحاكمِ وهو قطعُ المنازعةِ لعدمِ الوثوقِ حينئذٍ بالحُكمِ؛ لأنَّ الصَّحابةَ أَجمَعُوا على عدمِ النَّقضِ، فإنَّ أبا بكرٍ حَكَمَ في مسائلَ باجتهادِه، وخالَفَه عمرُ، فلم يَنقُضْ أحكامَه، وخالفَهما عليٌّ، فلم يَنْقُضْ أحكامَهما، فإنَّ أبا بكرٍ سوَّى بينَ النَّاسِ في العطاءِ، وأعطى العبيدَ وخالَفَه عمرُ، ففاضَلَ بينَ النَّاسِ، وخالَفَهما عليٌّ فسوَّى بينَ النَّاسِ وحَرَمَ العبيدَ، ولم يَنقضْ أحدٌ منهم ما فَعَلَه مِن قبْلِه.

إذا تَقَرَّرَ ذلك فلا يُنقَضُ الاجتهادُ بالاجتهادِ (إِلَّا:

(١) بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ) فيَلْزَمُ نقضُه، نَصَّ عليه الإمامُ أحمدُ،

(٢) (وَ) إلَّا (بِجَعْلِ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ حُجِرَ (٢) عَلَيْهِ أُسْوَةَ الغُرَمَاءِ)؛ لأنَّ ذلك مخالفٌ لنصِّ آحادِ السُّنَّةِ.

(وَيُنْقَضُ) الحُكمُ وجوبًا (بِمُخَالَفَةِ:

(١) نَصِّ الكِتَابِ) أي: القرآنِ العزيزِ، (أَوْ) مخالفةِ نصِّ (السُّنَّةِ وَلَوْ) كانَتْ (آحَادًا) أي: غيرَ متواترةٍ؛ لأنَّه قضاءٌ لم يُصادِفْ شَرطَه، فوَجَبَ نقضُه


(١) ليس في «د».
(٢) ليس في «د».

<<  <   >  >>