للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) الاستحسانُ (عُرْفًا) أي: في عُرفِ الأُصُولِيِّينَ واصطلاحِهم: (العُدُولُ بِحُكْمِ المَسْأَلَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) خاصٍّ بتلك المسألةِ.

مِثالُه: ما قاله الإمامُ أحمدُ رَحِمَه اللهُ تَعالى: أنَّه يُتَيَمَّمُ لكلِّ صلاةٍ استحسانًا. والقِيَاسُ أنَّه بمنزلةِ الماءِ حَتَّى يُحدِثَ. وقال: يَجُوزُ شراءُ أرضِ السَّوادِ ولا يَجُوزُ بيعُها، فقِيلَ له: فكيف تُشترى مِمَّن لا يَملِكُ البيعَ؟ قالَ: القِيَاسُ هكذا، وإنَّما هو استحسانٌ، وكذلك يُمنَعُ مِن بيعِ المصحفِ، ويُؤمَرُ بشرائِه استحسانًا.

وقالَ أبو الخطَّابِ (١) في مسألةِ العِينةِ: وإذا اشْتَرى ما باعَ بأقلَّ ممَّا باعَ قبلَ نقدِ الثَّمَنِ الأوَّلِ، لم يَجُزِ استحسانًا، وجازَ قياسًا، فالحُكمُ في هذه المسألةِ ونَظائِرِها (٢) مِن الرِّبويَّاتِ [الجوازُ، وهو القِيَاسُ، لكنْ عُدِلَ بها عن نظائِرِها بطريقِ الاستحسانِ فمُنِعَتْ، وحاصلُ هذا يَرجِعُ] (٣) إلى تخصيصِ الدَّليلِ بدليلٍ أَقوى مِنه في نظرِ المجتهدِ.

(وَالمَصَالِحُ المُرْسَلَةُ: إِثْبَاتُ العِلَّةِ بِالمُنَاسَبَةِ وَسَبَقَتْ) في المسلكِ الرَّابعِ بأقسامِها وتفاريعِها وأحكامِها، وذلك إنْ شَهِدَ الشَّرعُ باعتبارِها كاقتباسِ الحُكمِ مِن معقولِ دليلٍ شرعيٍّ، فقياسٌ، أو ببُطلانِها كتعيينِ صومِ شهرينِ على مَن يَسْهُلُ عليه العتقُ، فلغوٌ. وذَكَرَ أبو الخطَّابِ في تقسيمِ أدلَّةِ الشَّرعِ أنَّ الاستنباطَ قياسٌ (٤) واستدلالٌ بأمارةٍ أو عِلَّةٍ وبشهادةِ الأصولِ.


(١) «التمهيد» (٤/ ٨٧).
(٢) ليس في «د».
(٣) ليس في «د».
(٤) في «د»: قياسي.

<<  <   >  >>