للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجابَ عمَّن قال: سببُ التَّحريمِ أنَّه قائمٌ مَقامَ الطَّلاقِ الثَّلاثِ، وذلك حرامٌ على رأيٍ، وأطالَ في ذلك.

لكنْ قال البِرْمَاوِيُّ: الظَّاهرُ أنَّه إنشاءٌ، خلافًا له، أعني: القَرَافِيَّ؛ لأنَّ مقصودَ النَّاطقِ به تحقيقُ معناه الخبَريِّ بإنشاءِ التَّحريمِ، فالتَّكذيبُ وَرَدَ على معناه الخبَريِّ، لا ما قَصَدَه مِن إنشاءِ التَّحريمِ، وهذا مِثْلُ قولِه: «أنتِ عليَّ حرامٌ»، فإنَّ قَصْدَه إنشاءَ التَّحريمِ، فلذلك وَجَبَتِ الكفَّارةُ حَيْثُ لم يَقصِدْ به طلاقًا، ولا ظهارًا، إلَّا من حَيْثُ الإخبارُ.

فالإنشاءُ ضربانِ:

(١) ضربٌ أَذِنَ الشَّارعُ فيه، كما أَرادَه المُنشِئُ، كالطَّلاقِ.

(٢) وضربٌ لم يَأْذَنْ فيه الشَّرعُ، ولكنْ رَتَّبَ عليه حُكمًا، وهو الظِّهارُ، رَتَّبَ فيه تحريمَ المرأةِ إذا عادَ حَتَّى يُكَفِّرَ.

وقولُه: «إنَّها حرامٌ» لا بقصدِ طلاقٍ أو ظهارٍ رَتَّبَ فيه التَّحريمَ حَتَّى يُكفِّرَ (١).

(وَيَتَعَلَّقُ بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ) اثْنَتَا عَشْرَةَ حقيقةً: (أَمْرٌ، وَنَهْيٌ، وَدُعَاءٌ، وَتَرَجٍّ، وَتَمَنٍّ) ووجهُ اختصاصِها بالمُستقبلِ: أنَّ هذه الخمسةَ طَلَبٌ، وطلَبُ الماضي مُتَعَذِّرٌ، والحالُ موجودٌ، وطلبُ تحصيلِ الحاصلِ مُحالٌ، فتَعَيَّنَ المُستقبلُ.

(وَشَرْطٌ، وَجَزَاءٌ) لأنَّهما رَبْطُ أمرٍ، وتوقيفُ دخولِه في الوجودِ على وجودِ أمْرٍ آخَرَ، والتَّوقُّفُ في الوجودِ إِنَّمَا يَكُونُ في المستقبلِ.


(١) «الفوائد السنيّة في شرح الألفيّة» (٢/ ٤٤٠).

<<  <   >  >>