ظَهَرَ في الأحكامِ، فلأجلِ تَفاوُتِ درجاتِ الجِنسيَّةِ في القُربِ والبُعدِ تَتَفاوَتُ درجاتُ الظَّنِّ، والأعلى مُقَدَّمٌ على ما دُونَه.
المَسلَكُ (الخَامِسُ) مِنَ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ على العِلِّيَّةِ: (إِثْبَاتُهَا بِـ الشَّبَهِ) بفتحِ الشِّينِ والباءِ المُوحَّدةِ أصلٌ مَعناه الشَّبَهُ، يُقالُ: هذا شَبَهُ هذا وشِبْهُه بكسرِ الشِّينِ وسُكُونِ الباءِ، وشَبِيهُه كما تَقولُ: مَثَلُه ومِثْلُه ومَثِيلُه، وهو بهذا المعنى يُطلَقُ على كلِّ قياسٍ؛ لأنَّ الفرعَ لا بُدَّ أنْ يُشْبِهَ الأصلَ، لكنْ غَلَبَ إطلاقُه في الاصطلاحِ الأصوليِّ على هذا المسلكِ.
(وَ) اختُلِفَ في تعريفِ الشَّبَهِ، فقالَ القاضي (١) وغيرُه: (هُوَ تَرَدُّدُ فَرْعٍ بَيْنَ أَصْلَيْنِ) فيه مناطُ كلٍّ مِنهما إلَّا أنَّه (شَبَهَهُ بِأَحَدِهِمَا) أي: شَبَهَ الفرعِ بأحدِ الأصلينِ (فِي الأَوْصَافِ) المُعتبَرةِ في الشَّرعِ (أَكْثَرُ) مِن شَبَهِه بالآخرِ، فإلحاقُه به هو الشَّبَهُ كالعبدِ هل يَملِكُ، وهل يَضمَنُه قاتلُه بأكثرَ مِن ديةِ الحُرِّ؟ فإِنَّه مُتَرَدِّدٌ بينَ الحُرِّ والبهيمةِ، وتَظهَرُ فائدتُه في التَّمليكِ له:
فمَن قال: يَملِكُ بالتَّمليكِ، قال: هو إنسانٌ يُثابُ ويُعاقَبُ ويَنكِحُ ويُطَلِّقُ ويُكَلَّفُ بأنواعٍ مِن العباداتِ، ويَفهَمُ ويَعقِلُ وهو ذو نفسٍ ناطقةٍ، فأَشْبَهَ الحُرَّ،
ومَن قال: لا يَملِكُ، قال: هو حيوانٌ يَجُوزُ بَيعُه ورَهنُه، وهِبَتُه وإجارتُه، وإرثُه ونحوُها، أَشْبَهَ الدَّابَّةَ.
(وَيُعْتَبَرُ الشَّبَهُ) أي: شَبَهُ الفرعِ بأحدِ الأصلينِ (حُكْمًا لَا حَقِيقَةً)، ومَحَلُّ ذلك إذا قُلْنا: إنَّ الشَّبَهَ حُجَّةٌ كما يَأْتي قريبًا، وهو قولُ الأكثرِ، ولهذا أَلْحَقُوا العبدَ المقتولَ بسائرِ الأموالِ المملوكةِ في لُزومِ قيمتِه على القاتلِ بجامعِ