للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحُكْمُ عنْ مُقتضيه (لِـ) وجودِ (مَانِعٍ) مِن الحُكمِ، كالقتلِ العمْدِ العدوانِ، يُسَمَّى عِلَّةً لوُجُوبِ القصاصِ، وإنْ تَخَلَّفَ وُجوبُه لمانعٍ، مِثلُ: أن يَكُونَ القاتلُ أبًا، فإنَّ الإيلادَ مانعٌ مِن وُجُوبِ القصاصِ، (أَوْ) تَخَلَّفَ الحُكْمُ لـ (فَوَاتِ شَرْطِهِ (١) كأنْ يَكُونَ المقتولُ عَبدًا، أو كافرًا، والقاتلُ حُرًّا، أو مُسلمًا، لفواتِ المُكافأةِ، وهي شرطٌ له.

(وَ) المَعنى الثَّالثُ: استعارةُ العِلَّةِ (لِلْحِكْمَةِ) أي: حِكْمَةِ الحُكْمِ، (وَ) الحِكْمَةُ: (هِيَ المَعْنَى المُنَاسِبُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الحُكْمُ، كَمَشَقَّةِ سَفَرٍ لِقَصْرٍ وَفِطْرٍ) وبيانُ المُناسبةِ: أنَّ حُصولَ المَشَقَّةِ على المُسَافِرِ مَعنًى مُناسبٌ لتخفيفِ الصَّلاةِ عنه بقَصْرِها، والتَّخفيفُ عنه بالفطرِ، (وَكَـ) ـوُجودِ (دَيْنٍ) على مالكِ النِّصابِ، (وَ) وجودِ (أُبُوَّةٍ) لقاتلٍ عَمْدًا، وبيانُ المُناسبةِ: أنَّ انْقِهارَ مالكِ النِّصابِ بالدَّيْنِ الَّذِي عليه مَعنًى مناسبٌ (لِمَنْعِ وُجُوبِ زَكَاةٍ) عنه، (وَ) كَوْنُ الأبِ سببًا لوجودِ الابنِ مَعنًى مناسبٌ لسُقوطِ (قَصَاصٍ) عنه؛ لأنَّه لمَّا كانَ سببًا لإيجادِه لم تَقتضِ الحِكْمَةُ أنْ يَكُونَ الولدُ سببًا لإعدامِه وهلاكِه لمحضِ (٢) حَقِّه، واحتُرِزَ بقيدِ القصاصِ عنْ وُجُوبِ رجْمِه إذا زَنى بابنتِه، فهي إذًا سببُ إعدامِه مَعَ كونِه سببَ إيجادِها، لكنَّ ذلك لمحضِ حقِّ اللهِ تَعالى، حَتَّى لو قَتَلَها لم يَجِبْ قَتلُه بها؛ لأنَّ الحُكْمَ لها.

(وَالسَّبَبُ لُغَةً: مَا) يَعني يُطلَقُ السَّببُ في اللُّغةِ على كلِّ شيءٍ (تُوُصِّلَ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ) كالطَّريقِ ونَحوِها.

قالَ في «المصباح»: السَّببُ: الحَبْلُ، وهو ما يُتَوَصَّلُ به إلى الاستعلاءِ،


(١) في «مختصر التحرير» (ص ٧٩): شرط.
(٢) في (د): ولمحض.

<<  <   >  >>