للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا) يَحرُمُ إحداثُ (دَلِيلٍ، أَوْ عِلَّةٍ آخَرَيْنِ) فيَجوزُ إحداثُ دليلٍ آخَرَ عندَ أصحابِنا والأكثرِ، زادَ القاضي: مِن غيرِ أنْ يَقصِدَ بيانَ الحُكمِ به بعدَ ثُبوتِه (١)؛ لأنَّه قولٌ عنِ اجتهادٍ غيرِ مخالِفٍ إجماعًا؛ لأنَّهم لم يَنُصُّوا على فسادِ غيرِ ما ذَكَروه، وأيضًا وَقَعَ كثيرًا ولم يُنْكَرْ، ولأن الشَّيْءَ قد يَكُونُ عليه أدلَّةٌ كثيرةٌ.

ويَجوزُ إحداثُ علَّةٍ أُخرى عندَ الأكثرِ، بِناءً على جوازِ تعليلِ الحُكْمِ الواحدِ بعِلَّتَينِ على ما يَأتي، وهو الصَّحيحُ في بابِ القياسِ.

(أَوْ) أي: ولا يَحرُمُ إحداثُ (تَأْوِيلٍ) آخَرَ (لَا يُبْطِلُ) التَّأْويلَ (الأَوَّلَ) ذَكَرَه بعضُهم عنِ الجمهورِ، وقيلَ: لا يَجُوزُ إحداثُه، واختارَه القاضي عبدُ الوَهَّابِ المالكيُّ، قال: لأنَّ الآيةَ مَثَلًا إذا احتملَتْ معانيَ، وأجمعوا على تأويلِها بأحدِها: صارَ كالإفتاءِ في حادثةٍ تَحتمِلُ أحكامًا بحُكْمٍ، فلا يَجُوزُ أن يُؤَوَّلَ بغيرِه، كما لا يُفتَى بغيرِ ما أَفْتَوْا به (٢).

(وَاتِّفَاقُ) مُجتهدي (عَصْرٍ ثَانٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ) أهلِ العَصْرِ (الأَوَّلِ، وَقَدِ اسْتَقَرَّ الخِلَافُ) في العصرِ الأوَّلِ (لَا يَرفَعُهُ) أي: لا يَرفَعُ خلافَ أهلِ العصرِ الأوَّلِ عندَ أحمدَ وأكثرِ أصحابِه، ولا يَكُونُ إجماعًا؛ لأنَّ موتَ المُخالِفِ في العصرِ الأوَّلِ لا يَكُونُ مُسْقِطًا لقولِه، فيَبْقى، ولا يَكُونُ حُجَّةً؛ لأنَّه لو كانَ حُجَّةً لتَعارَضَ الإجماعانِ.

وأيضًا: لم يَحصُلِ اتِّفاقُ الأُمَّةِ؛ لأنَّ فيه قولًا مخالفًا؛ لأنَّ القولَ لا يَمُوتُ بموتِ صاحبِه.


(١) «العُدة في أصول الفقه» (ص ٥٠٨ - ٥٠٩).
(٢) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٦٥١).

<<  <   >  >>