للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

الفعلُ الواجبُ: ما اقْتَضَى الشَّرعُ فِعْلَه اقتضاءً جازمًا، والمندوبُ: ما اقْتَضَى فِعلَه اقتضاءً غيرَ جازمٍ، والحرامُ: ما اقتضى الشَّرعُ تَرْكَه اقتضاءً جازمًا، والمكروهُ: ما اقْتَضَى تَرْكَه اقتضاءً غيرَ جازمٍ، والمباحُ: ما اقْتَضَى الشَّرعُ التَّخييرَ فيه.

وهذه الأشياءُ هي مجالُ الأحكامِ ومُتَعَلَّقَاتُها، وأمَّا الأحكامُ نَفْسُها فهي: الإيجابُ، والتَّحريمُ، والنَّدبُ، والكراهةُ، والإباحةُ.

إذا تَقَرَّرَ ذلك فـ (الوَاجِبُ لُغَةً: السَّاقِطُ وَالثَّابِتُ).

قالَ في «المصباحُ»: وَجَبَ البَيْعُ وَالحَقُّ يَجِبُ وُجُوبًا وَجِبَةً: لَزِمَ وَثَبَتَ، وَوَجَبَتْ الشَّمْسُ وُجُوبًا: غَرَبَتْ، وَوَجَبَ الحَائِطُ وَنَحْوُهُ: سَقَطَ (١).

(وَ) أمَّا الواجبُ (شَرْعًا) فلهم فيه حدودٌ كثيرةٌ، قلَّ أنْ تَسْلَمَ مِن خَدْشٍ:

أَولاها: (مَا ذُمَّ) شرعًا (تَارِكُهُ قَصْدًا مُطْلَقًا).

فقولُه: «ما ذُمَّ» هو خيرٌ مِن قولِ مَن قَالَ: «ما يُعاقَبُ تارِكُه»؛ لجوازِ العفوِ، واحتُرِزَ به عنِ: المندوبِ، والمكروهِ، والمباحِ؛ لأنَّه لا ذَمَّ فيها، والمرادُ بذمِّ تاركِه: أن يَرِدَ في كتابِ اللهِ تَعالى، أو سُنَّةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، أو إجماعِ الأُمَّةِ ما يَدُلُّ على الذَّمِّ.

وقولُه: «شرعًا»؛ لأنَّ الذَّمَّ لا يَثْبُتُ إلَّا بالشَّرعِ (٢)، بخلافِ قولِ المعتزلةِ.


(١) «المصباحُ المنيرُ في غريبِ الشَّرحِ الكبيرِ» (٢/ ٦٤٨).
(٢) في (ع): بشرع.

<<  <   >  >>