وقولُه:«تاركُه» احتُرِزَ به عنِ الحرامِ، فإنَّه يُذَمُّ شرعًا فاعلُه.
وقولُه:«قَصْدًا» فيه تقريرانِ مَوقوفانِ على مُقَدِّمةٍ: وهو أنَّ هذا التَّعريفَ إِنَّمَا هو بالحيثيَّةِ؛ أي: الَّذِي بحَيثُ لو تُرِكَ لذُمَّ تاركُه؛ إذْ لو لم يَكُنْ بالحيثيَّةِ لاقْتَضَى أنَّ كلَّ واجبٍ لا بدَّ مِن حُصولِ الذَّمِّ على تَركِه، وهو باطلٌ.
إذا عُلِمَ ذلك فأحدُ التَّقريرينِ إِنَّمَا يَأتي بالقصدِ؛ لأنَّه شرطٌ لصِحَّةِ هذه الحيثيَّةِ؛ إذِ التَّاركُ لا على سبيلِ القصدِ لا يُذَمُّ.
والثَّاني: أنَّه احتُرِزَ به عمَّا إذا مَضَى مِن الوقتِ قَدْرُ فِعلِ الصَّلاةِ، ثمَّ تَرَكَها بنومٍ، أو نسيانٍ، وقد تَمَكَّنَ، ومعَ ذلك لا يُذَمُّ شرعًا تاركُها؛ لأنَّه ما تَرَكَها قصدًا.
وقولُه:«مُطلقًا» فيه تقريرانِ أيضًا موقوفانِ على مُقدِّمةٍ: وهو أنَّ الإيجابَ باعتبارِ الفاعلِ قد يكُونُ على الكفايةِ، وقد يكُونُ على العينِ، وباعتبارِ المفعولِ قد يكُونُ مُخَيَّرًا، كخصالِ الكفَّارةِ، وقد يكُونُ مُضَيَّقًا، كالصَّومِ، فإذا تَرَكَ الصَّلاةَ في أوَّلِ وَقتِها صَدَقَ أنَّه تَرَكَ واجبًا؛ إذِ الصَّلاةُ تَجِبُ بأوَّلِ الوقتِ، ومعَ ذلك لا يُذَمُّ عليها إذا أَتَى بها في أثناءِ الوقتِ، ويُذَمُّ إذا أَخرَجَها عن جميعِه، وإذا تَرَكَ إحدى خصالِ الكفَّارةِ، فقد تَرَكَ ما يَصدُقُ عليه أنَّه واجبٌ مَعَ أنَّه لا ذَمَّ فيه إذا أَتَى بغيرِه، وإذا تَرَكَ صلاةَ جنازةٍ فقد تَرَكَ ما صَدَقَ عليه أنَّه واجبٌ، ولا يُذَمُّ عليه إذا فَعَلَه غيرُه.
إذا عُلِمَ ذلك فأحدُ التَّقريرينِ أنَّ قولَه:«مُطلقًا» عائدٌ إلى الذَّمِّ، وذلك لأنَّه قد تَلَخَّصَ أنَّ الذَّمَّ على الواجبِ المُوَسَّعِ والمُخيَّرِ وعلى الكفايةِ مِن وجهٍ دونَ وجهٍ، وأنَّ الذَّمَّ على الواجبِ المُضيَّقِ والمُحَتَّمِ والواجبِ على