للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأَدِلَّةِ الشَّرعيَّةِ، وأَوْمَأ إليه أحمدُ حَيْثُ سُئل عن قَطعِ النَّخلِ، قال: لا بأسَ به، لم أسمعْ في قَطعِه شيئًا.

وقيل: لا حُكْمَ لها قبلَ السَّمعِ، قَالَ المجدُ: هذا هو الصَّحيحُ الَّذِي لا يَجُوزُ على المذهبِ غيرُه. انتهى.

فعلى هذا لا إثمَ بالتَّناوُلِ كفعلِ البهيمةِ، لكنْ لا يُفتى به في الأصحِّ، هذا (إِنْ) فُرِضَ أنَّه (خَلَا وَقْتٌ عَنْهُ) أي: عن الشَّرعِ.

والصَّحيحُ أنَّه لم يَخلُ وقتٌ مِن شرعٍ؛ لأنَّه أوَّلَ ما خَلَقَ آدمَ قَالَ له: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} (١) أَمَرَهما ونَهَاهما عَقِبَ خَلْقِهما، فكذلك كلُّ زمانٍ.

(أَوْ) أي: والأعيانُ، والمُعاملاتُ، والعُقودُ المنتفعُ بها، (بَعْدَهُ) أي: بعدَ وُرودِ الشَّرعِ، (وخَلَا) الشَّرعُ (عَنْ حُكْمِهَا) إنْ فُرِضَ ذلك كما تَقَدَّمَ.

قالَ الخَرَزِيُّ (٢): لم تَخلُ الأممُ مِن حُجَّةٍ (٣)، واحتجَّ بقولِه تَعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} (٤) والسُّدَى: الَّذِي لا يُؤمَرُ وَلَا يُنْهَى، وقولِه تَعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا} (٥)، وقوله تَعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} (٦).


(١) البقرة: ٣٥.
(٢) في (ع): الجزري. والمثبت من (د)، وهو الموافق لما قيده به ابن السمعاني في «الأنساب» (٥/ ٨٧)، وهو أحمد بن نصر بن مُحَمَّد أبو الحسن الزهري، يعرف بالخرزي. ترجمته في «تاريخ بغداد» (٦/ ٤١٢)، و «طبقات الحنابلة» (٢/ ٢٦٧).
(٣) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٢/ ٧٧٦)، و «شرح الكوكب المنير» (١/ ٣٢٣).
(٤) القيامة: ٣٦.
(٥) النَّحل: ٣٦.
(٦) فاطر: ٢٤.

<<  <   >  >>