للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بَابٌ)

(الإِجْمَاعُ لُغَةً: العَزْمُ وَالِاتِّفَاقُ) قال اللهُ تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} (١) أي: اعزِمُوه.

ويَصِحُّ إطلاقُه على الواحدِ، يُقالُ: أَجمَعَ فلانٌ على كذا؛ أي: عَزَمَ عليه، ويُقالُ: أَجمَعَ القومُ على كذا؛ أي: اتَّفَقُوا عليه، فكلُّ أمْرٍ من الأمورِ اتَّفَقَتْ عليه طائفةٌ فهو إجماعٌ لُغَةً.

(وَ) الإجماعُ (اصْطِلاحًا: اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي) هذه (الأُمَّةِ).

فقولُه: «اتِّفاقُ» احتِرازٌ مِن الاختلافِ، فلا يَكُونُ إجماعًا مع الاختلافِ، والمرادُ بالاتِّفاقِ: اتِّحادُ الاعتقادِ، فيَعُمُّ الأقوالَ، والأفعالَ، والسُّكوتَ، والتَّقريرَ.

وقولُه: «مُجتهدي الأُمَّةِ» احتِرازٌ مِن غيرِ أُمَّةِ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ إطلاقَ لفظِ الأمَّةِ يَنصرفُ إليها دونَ سائرِ الأُممِ.

وقولُه: (فِي عَصْرٍ) يَشمَلُ أيَّ عصرٍ كانَ، احتِرازٌ عن قولِ مَن قال: إنَّ الإجماعَ مخصوصٌ بالصَّحابةِ.

وقولُه: (عَلَى أَمْرٍ) يَعُمُّ جميعَ الأمورِ مِن: الفعلِ، والأمرِ الدُّنيويِّ، واللُّغويِّ، وغيرِهما، وإنَّما أُبْرِزَ قولُه: (وَلَوْ فِعْلًا) مع دُخولِه في قولِه: «على أمرٍ»؛ للإيضاحِ والبيانِ والتَّأكيدِ، والاجتهادُ إِنَّمَا يَكُونُ (بَعْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لقولِه تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٢)، والمشروطُ عُدِمَ عندَ عدمِ شَرطِه، فاتِّفاقُهم كافٍ.


(١) يونس: ٧١.
(٢) النِّساء: ٥٩.

<<  <   >  >>