للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تَقَرَّرَ هذا فـ (اللُّغَةُ) في الدَّلالةِ على ذلك (أَفْيَدُ) أي: أكثرُ فائدةً (مِنْ غَيْرِهَا)؛ لأنَّ اللَّفظَ يَقَعُ على المَعدومِ، والموجودِ، والحاضرِ الحِسِّيِّ، والمعنويِّ، (وَأَيْسَرُ لِخِفَّتِهَا) لأنَّ الحروفَ كيفيَّاتٌ تَعرِضُ للنَّفَسِ الضَّروريِّ، فلا يُتَكَلَّفُ لها ما يُتَكَلَّفُ لغيرِها.

(وَسَبَبُهَا) أي: سببُ وَضعِها (حَاجَةُ النَّاسِ) إليها ليَعرِفَ بعضُهم مُرادَ بعضٍ للتَّساعُدِ، والتَّعاضُدِ، بلا مُؤنةٍ فيه ولا مَحذورٍ، وهذا مِن تمامِ نِعَمِ اللهِ علينا أنْ جَعَلَ ذلك بالمنطقِ دونَ غيرِه.

(وَهِيَ) أي: اللُّغةُ (أَلْفَاظٌ) وتَشمَلُ: الموضوعَ، والمُهْمَلَ.

وقولُه: (وُضِعَتْ لِمَعَانٍ) ليُخرِجَ المُهمَلَ؛ لأنَّه لم يُوضَعْ لمَعنًى.

(فَمَا الحَاجَةُ إِلَيْهِ) أي: فالمعنى الَّذِي يَحتاجُ الإنسانُ إلى الاطِّلاعِ عليه مِن نَفْسِه دائمًا كطلبِ ما يَدفَعُ به عن نَفْسِه (١) مِن ألمِ جوعٍ وغيرِه (٢) لم تَخْلُ اللُّغةُ مِن وضعِ لفظٍ له، (وَالظَّاهِرُ) مِن استعمالِ العَربِ (أَوْ كَثُرَتْ) حاجةُ الإنسانِ إليه كالمُعاملاتِ (لَمْ تَخْلُ) اللُّغةُ (مِنْ) وَضعِ (لَفْظٍ لَهُ) أي: لذلك المعنى، بل هو كالمقطوعِ به، لا سِيَّمَا وهي أوسعُ اللُّغاتِ وأَفصَحُها.

(وَيَجُوزُ خُلُوُّهَا) أي: اللُّغةِ (مِنْ لَفْظٍ) كَثُرَتِ الحاجةُ إليه (كَعَكْسِهِمَا (٣) أي: ما لا يُحتاجُ إليه البَتَّةَ، يَجوزُ خُلُوُّ اللُّغةِ عمَّا يَدُلُّ عليه، وخُلُوُّها واللهُ أعلمُ أَكثَرُ، وما قلَّتِ الحاجةُ إليه يَجوزُ خُلُوُّها منه وليسَ بمُمتنعٍ.


(١) هنا انتهى السَّقْطُ من (د).
(٢) في (ع): أو غيره.
(٣) كذا في (د)، (ع)، إحدى نسخ «مختصر التحرير». وفي بقية نسخ «مختصر التحرير»: لعكسهما.

<<  <   >  >>