للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلاوةُ اللَّفظِ ولا ترتيبُه بخلافِ القُرآنِ، والأذانِ ونَحوِه، لكنْ إذا قُلْنا تَجُوزُ روايته بالمعنى، فلها شروطٌ:

أَحدُها: كَوْنُ الرَّاوي عارفًا بدَلالاتِ الألفاظِ واختلافِ مَوَاقِعِها.

والثَّاني: ألَّا يَكُونَ مُتَعَبَّدًا بلَفظِه، كالقُرآنِ قطعًا، وكالتَّشهُّدِ، فلا يَجُوزُ نقلُ ألفاظِه بالمعنى اتِّفاقًا.

والثَّالثُ: ألَّا يَكُونَ مِن جوامعِ الكَلِمِ، كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» (١)، و «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي» (٢)، و «لَا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ» (٣) ونحوِه مِمَّا لا يَنْحَصِرُ.

(فَـ) ـعلى هذا (ليسَ) الحديثُ (بِكَلَامِ اللهِ تعالى، وَهُوَ) أي: الحديثُ (وَحْيٌ) وإن لم يَجُزْ نَقْلُه بالمعنى فهو كلامُه، هذا (إِنْ رُوِيَ مُطْلَقًا) أي: مِن غيرِ تَبْيِينٍ أنَّ الله تعالى أَمَرَ، أو نَهَى، أو كانَ خبَرًا عنِ اللهِ تعالى.

(وَإِنْ بَيَّنَ) النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- في الحديثِ (أَنَّ اللهَ تعالى أَمَرَ) به


(١) رواه أبو داود (٣٥٠٨)، والترمذي (١٢٨٥)، والنسائي (٤٤٩٠)، وابن ماجه (٢٢٤٣) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٢) رواه الترمذي (١٣٤١) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، وضعّفه.
وروى البخاري (٤٥٥٢)، ومسلم (١٧١١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(٣) رواه ابن ماجه (٢٣٤٠، ٢٣٤١) من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وابن عباس -رضي الله عنهم-.
وحسَّنه النووي في «الأذكار» (ص ٣٥١)، وقال ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (٢٨٩٧): وقال ابن الصلاح: حسن. قال أبو داود: وهو أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه، وصححه إمامنا في حرملة.

<<  <   >  >>