للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّ كلَّ واحدٍ مِنهما يُباعُ ويُشترى، وأَلْحَقَ أحمدُ وجوبَ الجلوسِ للتَّشهُّدِ الأوَّلِ بالتَّشهُّدِ الثَّاني؛ لأنَّه أحدُ الجلوسَينِ في تشهُّدِ الصَّلَاةِ.

(وَ) حيثُ كانَ هناك وصفٌ مناسبٌ يَعَلَّلُ به، فـ (لَا يُصَارُ إِلَيْهِ) أي: إلى قياسِ الشَّبَهِ (معَ) إمكانِ (قِيَاسِ العِلَّةِ) إجماعًا، (فَإِنْ عُدِمَ) إمكانُ قياسِ العِلَّةِ (فَـ) قياسُ الشَّبَهِ (حُجَّةٌ) ويُعَلَّلُ به على الصَّحيحِ.

المَسلَكُ (السَّادِسُ) مِنَ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ على العِلِّيَّةِ: الطَّردُ والعكسُ، وهو (الدَّوَرَانُ) قاله ابنُ مُفلِحٍ (١).

(وَهُوَ) أي: الدَّورانُ: (تَرَتُّبُ حُكْمٍ عَلَى وَصْفٍ وُجُودًا وَعَدَمًا) بأنْ يُوجَدَ الحكمُ، أي: تعلُّقُه عندَ وجودِ وصفٍ، ويَنعدِمُ عندَ عَدَمِه، ويُسَمَّى ذلك الوصفُ حينئذٍ مدارًا والحكمُ دائرًا، ثمَّ الدَّوَرَانُ إمَّا في مَحَلٍّ واحدٍ كالإسكارِ في العصيرِ، فإنَّ العصيرَ في الإسكارِ قَبْلَ أن يُوجَدَ الإسكارُ كانَ حلالًا، فلَمَّا حَدَثَ الإسكارُ حَرُمَ، فلمَّا زالَ الإسكارُ وصارَ خَلًّا صارَ حلالًا، فدَارَ التَّحريمُ معَ الإسكارِ وُجودًا وعدمًا.

وإمَّا في مَحَلَّينِ كالكيلِ معَ تحريمِ الرِّبا، فإِنَّه لَمَّا وُجِدَ الكيلُ في البُرِّ كانَ رِبويًّا، ولَمَّا لم يُوجِدْ في التُّفَّاحِ مثلًا لم يَكُنْ رِبويًّا، فدارَ جَرَيَانُ الرِّبَا معَ الكيلِ، لكنَّ الدَّورانَ في صورةٍ أَقوى منه في صورتينِ على ما هو مُدرَكٌ ضرورةً، أو نظرًا ظاهرًا.

(وَ) الدَّوَرَانُ (يُفِيدُ العِلَّةَ (٢) ظَنًّا) فقطْ على الصَّحيحِ. وَجهُه: لو دُعِيَ رجلٌ باسمٍ، فغَضِبَ، وبغيرِه لم يَغضَبْ، وتَكَرَّرَ ولا مانعَ؛ دَلَّ أنَّه سببُ الغضبِ.


(١) «أصول الفقه» (٣/ ١٢٩٧).
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ٢١٧): العلية.

<<  <   >  >>