للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، فقائلٌ بأنَّها إخبارٌ كما في كُتُبِ اللُّغةِ، وقائلٌ بأنَّها إنشاءٌ؛ لأنَّه لا يَدخُلُه تكذيبٌ شرعًا، فالقائلُ بالثَّالثِ: رَأَى كُلًّا مِن القولينِ له وجهٌ، فجَمَعَ بينَهما بأنْ قال: هو إنشاءٌ تَضَمَّنَ إخبارًا.

تنبيهانِ: ذَكَرَ القَرَافِيُّ فروقًا بين الخبَرِ والإنشاءِ:

أحدُها: قبولُ الخبَرِ (١) الصِّدقَ والكذبَ، بخلافِ الإنشاءِ.

الثَّاني: الخبَرُ تابعٌ لمُخبِرِه في أيِّ زمانٍ كانَ، ماضيًا كانَ، أو حالًا، أو مستقبلًا، والإنشاءُ مَتبوعٌ لمُتَعَلَّقِه، فيَتَرَتَّبُ عليه بعدَه.

الثَّالثُ: أنَّ الإنشاءَ سببٌ لوجودِ مُتَعَلَّقِه، فيَعقبُ آخِرَ حرفٍ منه على الخلافِ في ذلك، إلَّا أنْ يَمنَعَ مانعٌ، وليسَ الخبَرُ سببًا، ولا مُعَلَّقًا عليه، بل مُظْهِرٌ فقط (٢). انتهى.

إذا عَلِمْتَ ذلك: فهذه الفروقُ راجعةٌ إلى أنَّ الخبَرَ له خارجٌ يَصدُقُ أو يَكْذِبُ.

التَّنبيهُ الثَّاني: مِمَّا يَنبني على الفرقِ بينَهما أنَّ الظِّهارَ هل هو خبَرٌ أو إنشاءٌ؟

قالَ القَرَافِيُّ: قد يُتَوَهَّمُ أنَّه إنشاءٌ، وليسَ كذلك؛ لأنَّ اللهَ تعالى أشارَ إلى تكذيبِ المُظاهِرِ ثلاثَ مَرَّاتٍ بقولِه تعالى: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} (٣) قال: ولأنَّه حرامٌ ولا سببَ لتحريمِه إلَّا كونُه كذبًا.


(١) ليست في (د).
(٢) «نفائس الأصول في شرح المحصول» (٢/ ٨٤٥).
(٣) المجادلة: ٢.

<<  <   >  >>