للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) الرُّخصةُ (مِنْهَا:

(١) وَاجِبٌ) كأكلِ مُضطَرٍّ مَيْتَةً، فإنَّه واجبٌ لأنَّه سببٌ لإحياءِ النَّفسِ، وما كانَ كذلك فهو واجبٌ، وذلك لأنَّ النُّفوسَ حقٌّ للهِ، وهي أمانةٌ عندَ المُكلَّفِينَ، فيَجِبُ حِفظُها ليَستوفيَ اللهُ حَقَّه منها بالعِباداتِ والتَّكاليفِ، وقد قال اللهُ تَعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١).

فائدةٌ: قالَ في «شرحِ الأصلِ»: وممَّا يَجِبُ مِنَ الرُّخصةِ: إساغةُ اللُّقمةِ بالخَمْرِ لمن غُصَّ بها، فهي كالميتةِ للمُضطرِّ.

قالَ ابنُ حَمْدَانَ: ويَجِبُ فطرُ المريضِ في رمضانَ إذا خافَ الموتَ بعَدَمِه (٢).

(٢) (وَ) الرُّخصةُ: منها ما هو (مَنْدُوبٌ) كقَصرِ الصَّلاةِ للمُسافرِ إذا اجتَمَعَتِ الشُّروطُ وانتفَتِ الموانعُ.

(٣) (وَ) منها ما هو (مُبَاحٌ) كالجمعِ بينَ الصَّلاتينِ في غيرِ عَرَفَةَ ومُزدلفةَ.

والحاصلُ مِن تقريرِ مُجامعةِ الرُّخصةِ للوُجوبِ ونحوِه: أنَّ الرُّخصةَ في الحقيقةِ إحلالُ الشَّيءِ؛ لأنَّها التَّيسيرُ والتَّسهيلُ، ثمَّ قد يَعرِضُ له وصفٌ آخرُ من الأحكامِ غيرُ الحِلِّ لدليلٍ، كحِلِّ أكلِ الميتةِ، نَشَأَ وُجوبُه مِن وجوبِ حفظِ النَّفسِ، فلذلك انْقَسَمَتْ هذه الرُّخصةُ إلى هذه الأقسامِ، والصَّحيحُ أنَّ أكلَها واجبٌ، فتَغَيَّرَ حُكمُها مِن صعوبةِ التَّحريمِ إلى سهولةِ الوجوبِ؛ لمُوافقتِه لغرضِ النَّفسِ لعُذرِ الاضطرارِ مع قيامِ سببِ التَّحريمِ حالَ الحِلِّ وهو الخَبَثُ.


(١) البقرة: ١٩٥.
(٢) «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١١٢١).

<<  <   >  >>