اعلَمْ أنَّ مُستَنَدَ الصَّحابيِّ عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- نوعانِ:
أحدُهما: لا خلافَ فيه؛ إذْ هو صريحٌ في ذلك لا يَحتمِلُ شيئًا، وهو قولُه:
(أَعْلَى مُسْتَنَدِ صَحَابِيٍّ) قولُه: سَمِعْتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ، أو يَفعَلُ كذا، أو:(حَدَّثَنِي) رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بكذا، وأَخبَرَني بكذا، (وَ) كذا (رَأَيْتُهُ) يَقولُ، أو (يَفْعَلُ) كذا، (وَنَحْوُهُمَا) كـ: شَافَهْتُه، أو: حَضَرْتُه يَقولُ، أو يَفعَلُ كذا، وهذا أرفعُ الدَّرجاتِ؛ لكونِه يَدُلُّ على عدمِ الواسطةِ بينَهما قطعًا.
النَّوعُ الثَّاني: ما هو مُختَلَفٌ فيه لكونِه غيرَ صريحٍ، بل مُحتملَ الواسطةِ (وَ) الصَّحيحُ أنَّه (يُحْمَلُ) على الاتِّصالِ قولُ الصَّحابيِّ: (قَالَ) رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كذا، (وَفَعَلَ) -صلى الله عليه وسلم- كذا (وَنَحْوُهُمَا) كـ: أَقَرَّ -صلى الله عليه وسلم- على كذا، وأنَّه لا واسطةَ بينَهما، (وَ) كذا قولُ الصَّحابيِّ: أقولُ ذلك (عَنْهُ) -صلى الله عليه وسلم-، (وَأَنَّهُ) -صلى الله عليه وسلم- قال أو فَعَلَ كذا، فيُحمَلُ ذلك كلُّه (عَلَى الِاتِّصَالِ) ويَكُونُ ذلك حُكمًا شَرعيًّا يَجِبُ العملُ به؛ لأنَّه الظَّاهرُ مِن حالِ الصَّحابيِّ القائلِ ذلك.
(وَ) قولُ الصَّحابِيِّ: (أَمَرَ) الرَّسولُ -صلى الله عليه وسلم- بكذا، (وَنَهَى) عن كذا، (وَأَمَرَنَا) -صلى الله عليه وسلم- بكذا، (وَنَهَانَا) عن كذا، فحُكْمُه حُكْمُ: قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، لكنْ في الدَّلالةِ دونَ ذلك؛ لاحتمالِ الواسطةِ واعتقادِ ما ليسَ بأمرٍ ولا نهيٍ أمرًا أو نهيًا، لكنَّ الظَّاهرَ أنَّه لم يُصَرِّحْ بنقلِ الأمرِ إلَّا بعدَ جَزمِه بوجودِ حقيقتِه. ومعرفةُ الأمرِ مستفادةٌ مِن اللُّغةِ وهم أهلُها، فلا يَخفَى