للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- (أَوْ بِضَابِطٍ لِلْحِكْمَةِ) بأنْ تَكُونَ العِلَّةُ هي الوصفَ المنضبطَ المشتملَ على الحِكمةِ كالمَشَقَّةِ في السَّفرِ والزَّجرِ بالحدِّ، ونحوِ ذلك.

القادحُ الثَّالثَ عَشَرَ: (النَّقْضُ) وهو وجودُ العِلَّةِ بلا حُكمٍ، وتَقَدَّمَ في شروطِ العِلَّةِ، وأنَّه لا يَقدَحُ فيها مطلقًا (كَـ) قولِ المُستدلِّ: (الحُلِيُّ مَالٌ غَيْرُ نَامٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، كَثِيَابِ البِذْلَةِ. فيَعْتَرِضُ) المُعترِضُ على المُستدِلِّ (بِالحُلِيِّ المُحَرَّمِ) بأنَّه مالٌ غيرُ نامٍ، وفيه الزَّكاةُ.

(وَجَوَابُهُ) أي: المُستدلِّ عن هذا الاعتِراضِ مِن وُجوهٍ:

- إمَّا (بِمَنْعِ وُجُودِ العِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ) لأنَّ النَّقضَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بوجودِ العِلَّةِ وتَخَلُّفِ الحُكمِ عنها، فإذا مُنِعَ وُجُودُ العِلَّةِ لم يَتَحَقَّقِ النَّقضُ، وإنَّما تَخَلَّفَ الحُكمُ في الصُّورةِ المذكورةِ لعَدَمِ عِلَّتِه، فهو يَدُلُّ على صِحَّةِ عِلَّتِه عَكسًا، وهو انتفاءُ الحُكمِ لانتفائِها، مثالُه: أنْ يَقُولَ الحنفيُّ في قتلِ المسلمِّ بالذِّمِّيِّ: قتلٌ عمدٌ عدوانٌ، فيَجِبُ به (١) القصاصُ كما في المُسلِمِ بالمسلمِ، فيُقالُ له: يَنتقضُ بقتلِ المعاهَدِ، فإِنَّه قتلٌ عمدٌ عدوانٌ، ولا يُقتَلُ به المسلمُ. فيَقولُ: لا أُسَلِّمُ أنَّه عدوانٌ. فيَندفعُ النَّقضُ بذلك إنْ ثَبَتَ له، [مثالُه في الصُّورةِ المذكورةِ أنْ يَقُولَ: لا أُسَلِّمُ الحُكمَ في المعاهَدِ، فإِنَّه عِندي يَجِبُ القصاصُ بقتلِه] (٢).

- (أَوْ) بـ (مَنْعِ) وجودِ (الحُكْمِ فِيهَا) أي: في صُورةِ النَّقضِ، وهذا هو الوجهُ الثَّاني.

(وَ) إذا مَنَعَ المُستدلُّ وجودَ العِلَّةِ في صورةِ النَّقضِ فـ (لَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ


(١) في «د»: فيه.
(٢) جاءت في «د» بعد قوله الآتي: وهذا هو الوجه الثاني.

<<  <   >  >>