للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(إِذَا خُصَّ نَوْعٌ) مِن جنسٍ (بِالذِّكْرِ بِـ) حُكْمِ (مَدْحٍ، أَوْ ذَمٍّ، أَوْ غَيْرِهِمَا) أي: بشيءٍ غيرِ المدحِ والذَّمِّ (مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِمَسْكُوتٍ عَنْهُ؛ فَلَهُ) أي: لذلك المذكورِ (مَفْهُومٌ) كقولِه تَعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (١)، فالحجابُ عذابٌ، فلا يُحجَبُ مَن لا يُعَذَّبُ، ولو حُجِبَ الجميعُ لم يَكُنْ عذابًا.

قال الإمامُ الشَّافعيُّ: لَمَّا حَجَبَ قومًا بالسَّخطِ دَلَّ على أنَّ قومًا يَرَوْنَه بالرِّضى (٢).

وقالَ أيضًا: في الآيةِ دَلالةٌ على أنَّ أولياءَه يَرونه يومَ القيامةِ بأبصارِ وجوهِهم. واحتجَّ بها الإمامُ أحمدُ وغيرُه في الرُّؤيةِ.

(وَإِذَا اقْتَضَى حَالٌ) عمومَ الحُكمِ (أَوِ) اقتضى (لَفْظٌ عُمُومَ الحُكْمِ لَوْ عَمَّ) الحكمَ ذلك الحالُ أو اللَّفظُ، (فَتَخْصِيصُ بَعْضِ) ذلك (بِالذِّكْرِ (٣) لَهُ مَفْهُومٌ) كقولِه تَعالى: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ} (٤)، وقولِه تَعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} إلى قولِه: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} (٥).

(وَفِعْلُهُ) أي: فعلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَهُ دَلِيلٌ كَدَلِيلِ الخِطَابِ) أَخَذَه أكثرُ أصحابِنا مِن قولِ الإمامِ أحمدَ: لا يُصَلَّى على مَيِّتٍ بعدَ شهرٍ لحديثِ


(١) المطففين: ١٥.
(٢) «أحكام القرآن» (١/ ٤٠).
(٣) في «مختصر التحرير» (ص ١٨٥): بذكر.
(٤) الإسراء: ٧.
(٥) الحج: ١٨.

<<  <   >  >>