للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) التَّأويلُ (اصْطِلَاحًا) أي: في اصطلاحِ الأُصُولِيِّينَ: (حَمْلُ) مَعْنًى (ظَاهِرِ) اللَّفظِ (عَلَى) معنًى (مُحْتَمَلٍ (١) مَرْجُوحٍ) يَعني يَكُونُ للَّفْظِ دَلالتانِ: راجحةٌ، ومرجوحةٌ، فيُحمَلُ على المرجوحةِ، وهذا الحدُّ يَشمَلُ التَّأويلَ الصَّحيحَ والفاسدَ.

(وَ) إنْ أَرَدْتَ أنْ تَحُدَّ التَّأويلَ الصَّحيحَ فـ (زِدْ) في الحدِّ (لِصَحِيحِهِ) على قولِه: «حملُ ظاهرٍ على مُحتمَلٍ مرجوحٍ» قولَك: (بِدَلِيلٍ يُصَيِّرُهُ رَاجِحًا) أي: حملُ ظاهرٍ بدليلٍ يُصَيِّرُ الحملَ راجحًا على مَدلولِه الظَّاهرِ، فيُسَمَّى تأويلًا صحيحًا، فإنْ تُرِكَ الظَّاهرُ لا لدليلٍ مُحَقَّقٍ بل لشُبَهٍ تَخَيَّلَ للسَّامعِ أنَّها دليلٌ، وعندَ التَّحقيقِ تَضمَحِلُّ: سُمِّيَ تأويلًا فاسدًا، ورُبَّما قِيلَ: تأويلًا بعيدًا (٢)، وقد يَكُونُ التَّأويلُ لا لشيءٍ مِن ذلك، فهذا لعبٌ لا يُعبَأُ به.

إذا عُلم ذلك، فحَملُ اللَّفظِ على ظاهرِه لَيْسَ تأويلًا، وكذا حملُ المُشتَركِ ونَحوِه مِن المُتساوي على أحدِ مَحمَلَيْه أو محاملِه لدليلٍ لا يُسَمَّى تأويلًا، وحملُه على المجموعِ لا يُسَمَّى تأويلًا أيضًا.

(١) (فَإِنْ قَرُبَ) التَّأويلُ: (كَفَى) في ترجيحِ الطَّرفِ المرجوحِ (أَدْنَى مُرَجِّحٍ) لقُربِه، مثلُ قولهِ تَعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (٣) أي: إذا عَزَمْتُم.

(٢) (وَإِنْ بَعُدَ) التَّأويلُ بأنْ كانَ الاحتمالُ المرجوحُ بعيدًا منَ الإرادةِ لعدمِ قرينةٍ تَدُلُّ عليه عقليَّةٍ أو حالِيَّةٍ أو مقاليَّةٍ، (افْتَقَرَ) في حَملِ اللَّفظِ عليه وصَرفِه عنِ الظَّاهرِ (إِلَى أَقْوَى) مُرَجِّحٍ.


(١) في «ع»: محتملًا.
(٢) في «د»: بعيد.
(٣) المائدة: ٥.

<<  <   >  >>