والمُتواترُ (مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ) فخرجَ خبَرُ عددٍ لا يُفِيدُ العِلمَ، بَلِ الظَّنَّ، وإنَّما قِيلَ:(بِنَفْسِهِ) ليَخرُجَ الخبَرُ الَّذِي صِدْقُ المُخبِرينَ فيه بسببِ القرائنِ الزَّائدةِ على ما لا يَنْفَكُّ عنِ المُتواترِ عادةً وغيرِها، وما لا يَنْفَكُّ عنِ المُتواترِ الشَّرائطُ المُعتَبَرَةُ في المُتواترِ:
- منها: بلوغُهم عَدَدًا يَمتنِعُ معَه التَّواطُؤُ على الكذبِ لكَثْرَتِهم،
- وأنْ يَكُونوا مُسْتَنِدِينَ في أخبارِهم إلى الحسِّ، لا إلى دليلٍ عقليٍّ كما تَقَدَّمَ،
- وأنْ يَكُونُوا مُسْتَوِينَ في طَرَفَيِ الخَبَرِ ووَسَطِه إنْ وُجِدَ.
والقرائنُ الزَّائدةُ المُفيدةُ للعِلْمِ:
- قد تَكُونُ عاديَّةً، كالقرائنِ الَّتي تَكُونُ على مَن يُخبِرُ بموتِ وَلَدِه مِن شقِّ الجيوبِ، والتَّفَجُّعِ.
- وقد تَكُونُ عقليَّةً: كخبَرِ جماعةٍ تَقتضي البديهةُ والاستدلالُ صِدقَه.
- وقد تَكُونُ حِسِّيَّةً: كالقرائنِ الَّتي تكُونُ على مَن يُخبِرُ عن عَطَشِه.
(وَ) العِلْمُ (الحَاصِلُ) بخبَرِ التَّواتُرِ (ضَرُورِيٌّ) عندَ أصحابِنا والأكثرِ؛ إذ لو كانَ نَظَريًّا لافْتَقَرَ إلى تَوَسُّطِ المُقَدِّمَتَينِ، ولمَا حَصَلَ لِمن ليسَ مِن أهلِ النَّظرِ، كالنِّساءِ، والصِّبيانِ، ولأنَّ الضَّروريَّ ما اضْطُرَّ العقلُ إلى التَّصديقِ به، وهذا كذلك، ولسَاغَ الخلافُ فيه عقلًا كسائرِ النَّظريَّاتِ.