للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) يَجُوزُ (عَكْسُهُ) أي: عكسُ الَّذِي قَبْلَه، وهو نسخُ الحُكمِ دونَ التِّلاوةِ.

مثالُه: آيةُ المناجاةِ والصَّدقةِ بينَ يَديْها، ففي التِّرمذيِّ (١) عن عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجهَه: أنَّها لَمَّا نَزَلَتْ قال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا تَرَى، دِينَارًا؟»، قال: لا يُطِيقونه، قال: «نِصْفُ دِينَارٍ». قال: لا يُطيقُونَه، قال: «مَا تَرَى؟» قال: شَعِيرَةٌ. قال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّكَ لَزَهِيدٌ». قال عليٌّ: حَتَّى خَفَّفَ اللهُ عن هذه الأُمَّةِ بتركِ الصَّدقةِ.

ومَعنى قولِه: «شَعِيرَةٌ»، أيْ: مِن ذَهَبٍ.

قالَ عليٌّ: ما عَمِلَ بها أحدٌ غيري حَتَّى نُسِخَتْ. قال مجاهدٌ: وأَحسَبُه قال: وما كانَتْ إلَّا ساعةً مِن نهارٍ.

(وَ) يَجُوزُ نسخُـ (ـهُمَا) أي: التِّلاوةِ والحُكمِ معًا.

مثالُه: ما رَوَاه مسلمٌ (٢) عن عائشةَ: كانَ ممَّا نَزَلَ «عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ» فنُسِخَتْ (٣) بـ «خَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ».

فلم يَبْقَ لهذا اللَّفظِ حُكمُ القرآنِ لا في الاستدلالِ ولا في غيرِه، فلذلك كانَ الصَّحيحُ عندَنا (٤) جوازَ مَسِّ المُحدِثِ ما نُسِخَ لفظُه، سواءٌ نُسِخَ حُكمُه أو لا، واستُدِلَّ لجوازِ النَّسخِ ما سَبَقَ، ولأنَّ التِّلاوةَ حُكمٌ، وما تَعَلَّقَ به مِن الأحكامِ حُكمٌ آخَرُ، فجازَ نَسخُهما، ونَسخُ أحدِهما كغيرِهما.

(و) يَجوزُ نسخُ (قُرْآنٍ وَسُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ بِمِثْلِهِمَا).


(١) «جامع الترمذي» (٣٣٠٠) وقال: حسن غريب، والنسائي في «الكبرى» (٨٤٨٤)، وابن حبان (٦٩٤١، ٦٩٤٢).
(٢) «صحيح مسلم» (١٤٥٢).
(٣) في «د»: فنسخن.
(٤) ليس في «د».

<<  <   >  >>