للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المُوَفَّقُ (١) وغيرُه: «حَمْلُ فرعٍ على أصلٍ في حُكمٍ جامعٍ»، فالجامعُ بينَهما هو عِلَّةُ حُكمِ الأصلِ، وهو التَّحريمُ بجامعٍ وهو الوصفُ المناسِبُ؛ لأنَّه يَتَرَتَّبُ عليه الحُكمُ في نظرِ الشَّارِعِ، وهو هنا الإسكارُ الَّذِي هو عِلَّةُ تحريمِ الخمرِ.

فائدةٌ: لا يُقالُ: الأصلُ والفرعُ لا يُعرَفانِ إلَّا بعدَ معرفةِ حقيقةِ القِيَاسِ وأَخذُهما في تعريفِه دَوْرٌ؛ لأنَّا نَقُولُ: إِنَّمَا نَعني بالفرعِ صورةً أُريدَ إلحاقُها بالأُخرى في الحُكمِ لوجودِ العِلَّةِ المُوجِبةِ للحُكْمِ فيهما، وبالأصلِ الصُّورةَ الملحقَ بها، فلا يَلْزَمُ دَوْرٌ مِن كونِ لفظِ الفرعِ والأصلِ يُشعِرُ ألَّا يَكُونَ هذا فرعٌ، وذلك أصلٌ إلَّا أنْ يَكُونَ هذا مَقِيسًا على ذلك.

(وَلَمْ يُرَدْ) بالبناءِ للمفعولِ (بِالحَدِّ) المذكورِ (قِيَاسُ الدَّلَالَةِ، وَ) قياسُ الدَّلالةِ (هُوَ الجَمْعُ بَيْنَ أَصْلٍ وَفَرْعٍ بِدَلِيلِ العِلَّةِ) كالجمعِ بينَ الخمرِ والنَّبيذِ بالرَّائحةِ الدَّالَّةِ على الشِّدَّةِ المُطرِبةِ.

(وَلَا) أي: ولم يُرَدْ بالحدِّ أيضًا (قِيَاسُ العَكْسِ) على الأصحِّ، (وَ) قياسُ العكسِ (هُوَ: تَحْصِيلُ نَقِيضِ حُكْمِ المَعْلُومِ فِي غَيْرِهِ) أي: غيرِ ذلك الحُكمِ (لِافْتِرَاقِهِمَا) أي: افتِراقِ قياسِ الطَّردِ وقياسِ العكسِ (في عِلَّةِ الحُكْمِ) مثلُ: لَمَّا وَجَبَ الصَّومُ في الاعتكافِ بالنَّذرِ وَجَبَ بغيرِ نذرٍ، عَكْسُه الصَّلَاةُ: لمَّا لم تَجِبْ فيه بالنَّذرِ لم تَجِبْ بغيرِ نذرٍ، وقِيلَ: قياسُ العكسِ داخلٌ في حدِّ القِيَاسِ؛ لأنَّ القصدَ مساواةُ الاعتكافِ بغيرِ نذرِ الصَّومِ في اشتِراطِ الصَّومِ له بنذرِ الصَّومِ بمَعنًى لا فارقَ بينَهما، أو بالسَّببِ، فيُقالُ: الموجِبُ للصَّومِ الاعتكافُ لا نذرُه، بدليلِ الصَّلَاةِ، فالصَّلَاةُ ذُكِرَتْ لبيانِ إلغاءِ النَّذرِ، فالأصلُ


(١) «روضة الناظر» (٢/ ١٤١).

<<  <   >  >>