للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصلَ مرويِّه، أو فرعًا مُقابَلًا به، ويَقولَ: هذا سَمَاعِي، أو مَرْوِيِّي بطريقِ كذا، فَارْوِهِ عنِّي، أو: أَجَزْتُه لك أنْ تَرْوِيَه عنِّي، ثمَّ يُمَلِّكَه إيَّاه بطريقٍ، أو يُعِيرَه له يَنْقُلُه ويُقابِلُه به. وفي مَعناه أنْ يَجِيءَ الطَّالبُ بذلك إلى الشَّيخِ ابتداءً ويَعْرِضَه عليه فيَتَأَمَّلَه الشَّيخُ العارفُ اليَقِظُ، ويَقولَ: نعمْ، هذا مَسْمُوعي، أو روايتي بطريقِ كذا، فَارْوِهِ عنِّي، أو: أَجَزْتُه لك، أو يُعْطِيَه شيئًا مِن تَصانيفِه فيَقُولَ: ارْوِهِ عنِّي، والرِّوايةُ بذلك جائزةٌ على الصَّحيحِ، وليسَ كالسَّماعِ، بل مُنْحَطٌّ عنه.

إذا عَرَفْت ذلك: فالرِّوايةُ بهذا النَّوع أعلى مِن الإجازةِ المُجرَّدةِ في الأصحِّ عندَ المُحدِّثينَ، وإنْ كانَ الأُصُوليُّون خالَفُوهم في ذلك.

(وَ) النَّوعُ الثَّاني: مُجَرَّدُ المُناولةِ، فـ (لَا تَجُوزُ) الرِّوايةُ (بِمُجَرَّدِهَا) مِن غيرِ إجازةٍ ولا إذنٍ عندَ الأكثرِ.

وأصلُ المُناولةِ لُغَةً: الإعطاءُ باليدِ، ثمَّ اسْتُعمِلَتْ عندَ المُحَدِّثينَ وغيرِهم في إعطاءِ كتابٍ أو ورقةٍ مكتوبةٍ، ونحوِ ذلك، ويَقُولُ المُناولُ: هذا سَمَاعِي مِن قِبَلِ فُلانٍ، أو مَرْوِيِّي عنه بطريقِ كذا، وسواءٌ قال مع ذلك: «خُذْه»، أو نَاوَلَه ساكتًا، فإذا لم يَنْضَمَّ إليها إذنٌ ولا إجازةٌ يُسَمَّى المُناولةَ المُجَرَّدَةَ.

(وَ) لا يُشتَرَطُ في المُناولةِ فِعْلُها، بل (يَكْفِي اللَّفْظُ) بِلا مُنَاوَلَةٍ، فلو كانَ الكتابُ بيدِ الُمجَازِ له، أو على الأرضِ ونَحوِه، جازَ؛ لأنَّه لا تأثيرَ للفِعْلِ.

(وَمِثْلُهَا) أي: ومِثلُ المُناولةِ: المُكَاتَبَةُ، بأنْ يَكْتُبَ الشَّيخُ إلى غيرِه شيئًا مِن حَديثِه بخَطِّه، أو يَأْمُرَ غيرَه فيَكْتُبَ عنه بإذنِه، سواءٌ كَتَبَه أو كَتَبَ عنه إلى غائبٍ عنه، أو حاضِرٍ عندَه، وهي نوعانِ:

<<  <   >  >>