للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا يُشْتَرَطُ) في عِلَّةِ الأصلِ عندَ أكثرِ أصحابِنا: (اشْتِمَالُهَا عَلَى حِكْمَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ)، ونَعني بالأصلِ: «ما يُعَلَّلُ به الحُكمُ في الأصلِ»، واشْتَرَطَ الأكثرُ أنْ تَكُونَ مُشتملةً على حِكمةٍ مقصودةٍ للشَّارعِ مِن شرعِ الحُكمِ مِن: تحصيلِ مصلحةٍ، أو تَكميلِها، أو دفعِ مَفسدةٍ، أو تَقليلِها، ومِن أجلِ كَوْنِ العِلَّةِ لا بُدَّ مِن اشتمالِها على حِكمةٍ تَدعو إلى الامتثالِ، كانَ مَانِعُها وصفًا وجوديًّا يُخِلُّ بحِكْمَتِها، ويُسَمَّى «مانِعَ السَّببِ»، كالدَّينِ إذا قُلْنا أنَّه مانعٌ لوجوبِ الزَّكاةِ، ولأنَّ حِكمةَ السَّببِ وهو مِلكُ النِّصابِ غِنَى مالِكِه، فإذا كانَ مُحتاجًا إليه لوفاءِ الدَّينِ، فلا غِنَى، فاختَلَّتْ (١) حِكمةُ السَّببِ بهذا المانعِ، فإنْ لم يُخِلَّ بحِكمَتِها بل بالحُكمِ فقطْ، والحِكمةُ باقيةٌ، سُمِّيَ «مانعَ الحُكمِ» كالأُبوَّةِ (٢) في القصاصِ، وتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ أقسامِ خِطابِ الوضعِ.

فائدةٌ: الوصفُ المجعولُ عِلَّةً ثلاثةُ أقسامٍ: فإِنَّه تارةً يَكُونُ رافعًا لا دافعًا، ويَكُونُ دافعًا لا رافعًا، ويَكُونُ رافعًا دافعًا، وإليه أشارَ بقولِه:

(ثُمَّ قَدْ تَكُونُ) العِلَّةُ:

(١) (رَافِعَةً) ومنه الطَّلاقُ، فإِنَّه يَرفَعُ حِلَّ الاستمتاعِ ولا يَدفَعُه؛ لأنَّ الطَّلاقَ إلى استمرارِه لا يَمنَعُ وقوعَ نكاحٍ جديدٍ بشرطِه.

(٢) (أَوْ دَافِعَةً) ومنه العِدَّةُ، فإنَّها دافعةٌ للنِّكاحِ إذا وُجِدَتْ في ابتدائِه، لا رافعةٌ له إذا طَرَأَتْ في أثناءِ النِّكاحِ، [فإنَّ المَوطوءةَ بشُبهةٍ تَعتَدُّ وهي باقيةٌ على الزَّوجيَّةِ.


(١) في «د»: فاختلف.
(٢) في «ع»: كأبوة.

<<  <   >  >>