للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَشَرْطُهُ) أي: شرطُ مفهومِ المُوافقةِ (فَهْمُ المَعْنَى) مِن اللَّفظِ (فِي مَحَلِّ النُّطْقِ، وَأَنَّهُ) أي: المفهومَ (أَوْلَى) بالحُكمِ مِن المنطوقِ (أَوْ مُسَاوٍ لَهُ) في الحُكمِ، وتَقَدَّمَ مِثالُهما.

(وَهُوَ) أي: مفهومُ المُوافقةِ (حُجَّةٌ) لتَبادُرِ فَهمِ العُقلاءِ.

(وَدَلَالَتُهُ: لَفْظِيَّةٌ) على الصَّحيحِ لفهمِه لغةً قبْلَ شرعِ القياسِ، ولاندراجِ أصلِه في فرعِه، نحوُ: لا تُعطِه ذَرَّةً، ولأنَّه لا يَحسُنُ الاستفهامُ، ويَشتَركُ في فَهمِه اللُّغويُّ وغيرُه بلا قرينةٍ، فعلى كَوْنِ دَلالةِ مفهومِ المُوافقةِ لفظيَّةً (فُهِمَتْ مِنَ السِّيَاقِ وَالقَرَائِنِ) لأنَّ اللَّفظَ للدَّلالةِ عُرفًا، فهي لفظيَّةٌ حقيقةً، نُقِلَ اللَّفظُ في العُرفِ مِن وضعِه الأصليِّ لثبوتِ الحُكمِ في المذكورِ خاصَّةً، إلى ثبوتِ الحُكمِ في المذكورِ والمسكوتِ معًا.

والمُرادُ بالقرائنِ هنا: المُفيدةُ للدَّلالةِ، لا المانعةُ مِن إرادةِ المعنى الحقيقيِّ، ولا شكَّ أنَّ قولَه تَعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (١) مُستعمَلٌ في مَعناه الحقيقيِّ، غايتُه أنَّه عُلِمَ منه حُرمةُ الضَّربِ بقرائنِ الأحوالِ وسياقِ الكلامِ، واللَّفظُ لا يَصيرُ بذلك مجازًا.

(وَهُوَ) أي: مفهومُ المُوافقةِ نوعانِ:

أحدُهما: (قَطْعِيٌّ، كَـ) احتجاجِ أحمدَ في (رَهْنِ مُصْحَفٍ عِنْدَ ذِمِّيٍّ) بنَهيِه -عليه السلام- عنِ السَّفرِ بالقُرآنِ إلى أرضِ العدوِّ مَخافَةَ أنْ تنالَه (٢) أيديهم، فهذا قاطعٌ، والقطعيُّ كونُ التَّعليلِ بالمعنى، وكونُه أشدَّ مناسبةً للفرعِ وكونُهما قَطعيَّينِ، فإنْ كانَ أحدُهما ظَنِّيًّا فظَنِّيٌّ.


(١) الإسراء: ٢٣.
(٢) في «ع»: تناوله.

<<  <   >  >>